مصطلح الدرس الأدبي
والنسق المعرفي
محمد العمري
1
ـ الموضوع: خطوط عامة في مستوى النظر.
1.1-الموضوع
والمجال:
يعتمد
تقدم البحث في مجال الدراسات الأدبية، كما هو الشأن في ميادين أخرى تبدو بعيدة
عنها، مثل البيولوجيا والكيمياء، على إجراءين متكاملين متفاعلين:
أولهما
العمل الميداني الاستكشافي حيث يتم تعقب الوقائع ورصدها ومعالجتها مقوليا من حيث
المادة والكثافة والفضاء والعلائق، وما إلى ذلك مما يساعد على الوصف الدقيق
للطبائع والوظائف، وثانيهما وضع الأسماء وبناء الأنساق.
وفي
حوار بين الأنساق الطامحة إلى الانغلاق والتناظر والوقائع المتجسدة التي لا يتم
إدراك كل العلاقات الخفية التي تربط بينها تثار الأسئلة تلو الأسئلة. فالنسق يصر
على الاكتمال والوقائع تظل مستعصية تأبى الانصياع. يمكن أن نفكر هنا في المجهود
الجبار الذي بذله الخليل بن أحمد في كشف نسق للعروض العربي، والعوالم التي
استحضرها لبناء ذلك النسق.
إن
ضبط الأسماء والأنساق، فيما أنجز، يفتح مجالات أخرى للبحث؛ فعن طريقه نتحرر من
الحضور العيني للوقائع ونكتشف الخانات التي تتطلب مزيدا من التنقيب. وعموما فكلما
أمكن تحويل المصطلحات إلى شبكة متواصلة الحلقات في علاقات عمودية وأفقية كلما أمكن
الانتقال إلى مستوى أعلى من التجريب، وقل الضغط على الذاكرة والمخيلة معا وأمكن
التفرغ لإنشاء علاقات جديدة واستنتاج نتائج جديدة. وبخلاف ذلك فكلما انعدم التنسيق
كلما صارت المهمة التذكرية شاغلا، بل عائقا. إن الوضع الراهن للبحث الأدبي في مجال
المصطلح ما زال في حاجة إلى استلهام الإجراءات التي اعتمدها الباحثون في مجال علم
الأحياء، حيث أدت جهودهم التصنيفية إلى تنظيم الوقائع ضمن منظومات مصطلحية سهلت
على الباحثين التقدم إلى الأمام للمعالجة والتنظير.
يرتبط
تفكيرنا في مصطلح الدرس الأدبي، كما ترتبط انشغالاتنا الراهنة به، ببعدين متفاعلين
تفاعل تجاذب حينا وتنابذ حينا آخر: البعد التراثي العربي، وهو غني بشكل يجعل
تجاهله مجافيا لروح البحث المنهاجي (بقطع النظر عن الاعتبارات الأخرى العائدة إلى
الهوية والانتماء)، والبعد الحديث الذي ينجز -في واقعنا الراهن- خارج اللغة
العربية ونسعى لامتلاكه واستثماره في بيئتنا الحضارية (تبييء المعرفة). وقد عاينت
شخصيا من هذه الإشكالية من الزاويتين: محاولة قراءة التراث البلاغي العربي قراءة
بنائية من جهة، والاجتهاد في ترجمة نصوص تأسيسية من البلاغة الغربية من جهة أخرى.
إن
العمل ضمن هذه الرؤية، وفي إطار هذه الإشكالية الحضارية، يقتضي، في مرحلة أولى،
إنجاز منظومات مصطلحية تجسد الأنساق المفهومية في الطرفين، وصولا، في مرحلة ثانية،
إلى المنظومة الموحدة التي تمثل قراءتنا في عصرنا الراهن، والتي يمكن أن تساعدنا
على الانخراط في المسار العالمي الحديث، وهذا الطموح مشروع مبدئيا، ويسير عمليا في
مجال الأدب والفن. إن وضع أنساق مصطلحية، ولو كهيكل غير مكتمل، هو الشرط الضروري
حوار بناء بين ما أنجز في اللغة العربية وبين منجزات الدرس الأدبي الحديث. ومن
الأكيد أن ليس في الإمكان تكوين هذا النسق بعيدا عن أسئلة العصر ومنجزاته العلمية.
وذلك أن اللاحق من الجهود العلمية، محليا كان أو كونيا، هو الذي يساعد في كشف
المعاناة الإنسانية في بناء النماذج والأنساق، وهو الذي يكشف الإكراهات والعوائق
التي عانى منها البحث العلمي في مسيرته نحو تحقيق شروطه الذاتية وإجرائيته
المنهاجية. وليس سرا أننا حين نتحدث عن النسق المصطلحي نتحدث في الوقت نفسه عن
التقطيع المفهومي للوقائع أي عن نسق المفاهيم. غير أن الحديث عن المفاهيم يقتضي
قدرا كبيرا من اختزال الجهد الوصفي التجريبي أو البرهاني المستعمل للتعرف على
المفهوم ونسقه.
لذلك
فإن عملي سيتراوح، في هذه المناسبة، بين التناول النظري والمراجعة النقدية، لأن
العائق ليس نظريا محضا، بل يتصل بنواقص وعاهات ينبغي محاورتها وإحراجها؛ فكثيرا ما
لا نختلف حول الأدبيات، ولكن حين ننزل إلى الواقع الملموس ونشرع في الممارسة
الميدانية نجد كلا يعود إلى عادته القديمة، ونحن في الهم شرق وغرب، فالصيحة علينا
جميعا ما أقام حالنا على حاله.
2.1-التعريف
والنسق:
مع
الاعتراف بالمساهمة الكبيرة التي قدمتها اللسانيات في مجال إنتاج قواعد عامة
لصياغة المصطلحات وأدللتها (أي إعطائها الصيغ الدالة على مواقعها أو طبيعتها أو
عدد المكونات الداخلة في مفهومها وغير ذلك مما يفتقر إليه البناء النسقي للعلم)
فإن بناء النسق المصطلحي، باعتباره علاقات داخلية بين خطوط الطول والعرض في
النظرية العلمية، لا يمكن أن يبنى إلا من داخل العلم نفسه، أي على مستوى
إبستمولوجي. فبرغم إلحاح اللسانيات على التعريف، وهذه مسألة لا جدال فيها، فإن
التعريف في العلم (باعتباره صفة مميزة للنسق) عملية تفاعل بين عناصر تلعب دور
المرايا المتقابلة؛ ينير بعضها بعضا ويغير شكله، فالذي يحدث هو التعارف وليس
التعريف(1).
من
هنا وجدنا عددا من العلماء يشكك في إمكانية الاعتماد على التعريف بالصفات في حدود
ما تسمح به اللسانيات. نورد نماذج من أقوالهم دون أن تكون لنا أية نية للتقليل من
شأن العمل اللساني في هذا المجال (بل يتجه سعينا لتوسيع مجال البعد الإبستمولوجي،
خاصة حين يتحول البحث اللساني إلى حذلقة أو ألغاز):
يرى
كانديلاكي في مقال له بعنوان: "معاني المصطلحات، وأنساق معاني المصطلحات
العلمية والتقنية": إنه "مع الاعتراف بالموقع الجوهري الذي تحتله وظيفة
التعريف من بين خصائص مفهوم المصطلح لا نستطيع أن نوافق على أن تعريف المفهوم يمكن
أن يكون هو معنى المصطلح (وحاله كحال التأويل الذي لا يمكن أن يشبه بالمعنى
الاستعمالي للكلمة)، فمهمة التعريف لا تعدو تثبيت المعنى…(2).
فليس
الأمر أمر رصف أسماء وضبط تعريفات بل الأمر أمر بناء نسق مفهومي خاص. "فلكي
نوضح بدقة محتوى مفهوم ما ينتمي إلى نظرية، وإلى علم وكذا بنية تعريفه فمن المفيد
إقامة تصنيف يبرز موقع هذا المفهوم والمفاهيم المرتبطة به"(3). بل
هناك من يذهب إلى أننا لا نستطيع حتى التسليم بأن المصطلح "يفتقر إلى
تعريف"(4).
يقول
F.Engel’s مقللا من شأن
التعريف اللساني في مجال العلم اعتمادا على الخصائص: "… لا أهمية للتعريفات
في العلم لأنها ما تنفك تظهر عدم كفايتها. التعريف الحقيقي الوحيد هو الذي يتكون
عن طريق تطور طبيعة الشيء نفسه، ولا يبقى في هذه الحالة مبرر لأن ندعوه تعريفا،
فلفهم معنى الحياة والبرهنة عليها نحتاج أولا لدراسة جميع صورها والبرهنة عليها،
وتقديمها في علاقتها المتبادلة"(5). أما إذا قصد بالتعريف المستوى
الذي يسمح بالاستعمال من خصائص ومميزات فلا شك في أنه مفيد بل ضروري، وعلى كل حال
فما لم نطلب من التعريف ما ليس في ملكه فلا ضرر منه(6).
بل
قد يقال بأنه "لا وجود للمفاهيم خارج التعريفات"، حسب عبارة P.V.COPNIN.
غير أن التجربة العملية تبين، كما يقول كانديلاكي، أن عددا لا يستهان به من
المصطلحات تستعمل بدون تعريف، وبعضها يستعمل في تعريف غيره(7).
واستعمال مفاهيم غير دقيقة لتدقيق مفاهيم أخرى هو إحدى الخصائص المدهشة في سلوك
الإنسان، المميزة له عن الآلة (نفسه).
"إن
تشكل المفاهيم، حسب عبارة V.I.Mal’ cev.،
هو تمثيل الموضوعات المعطاة مصحوبا حتما بربط العلاقة بين هذه المفاهيم ومفاهيم
أخرى جديدة أو معروفة سلفا وإدخال ذلك كله في نسق من المفاهيم المترابطة"(8).
وهناك
ملاحظة أخرى وهي أن المصطلح الذي يرسم في ندوة أو مناسبة علمية يكون في الغالب قيد
الاستعمال قبل ذلك، وقد لا يكون التعريف دقيقا من وجهة القواعد المنطقية أو من
وجهة طبيعة الظاهرة نفسها. يرجع الأمر في ذلك كله إلى عدم أخذ المفاهيم المحيطة به
مولدة ومتولدة ومجاورة بعين الاعتبار.
"إن
التعبير عن المفهوم العلمي يفتقر، حسب عبارة Scedrovickij،
إلى بنيات وسلاسل من الأنساق التقييمية الأكثر تعقيدا… وبذلك يمكن القول بأن
"المصطلح" يجمع مجموع الدلالات والمعاني المنتسبة إلى الدلالي في جميع
التعريفات النظرية المنتظمة معه"(9).
ولذلك
يفترض في المصطلح أن يستحضر مجموع النسق النظري، فـ"المصطلح يلعب دور الدليل
المختصر لمجموع هذه الصفات المميزة وبفضل هذا وحده يعبر في نظرنا عن المفهوم"(10).
وحين
يخرج المصطلح من النسق يفرغ من مصطلحيته، ويتخلى عن علاقته الخاصة بالمفاهيم ليأخذ
مكانته بين الموضوعات والظواهر المعروفة سلفا عند الجميع. وهكذا فإن مصطلحي قنبلة
ذرية وقنبلة هيدروجينية يغادران دائرة المفاهيم المرتبطة بانشطار الذرة ليلتحقا
بالأنواع الأخرى من القنابل الحارقة والمدمرة. وبالعلاقة مع هذه الأنماط من السلاح
تتحدد الملامح ويتولد المعنى الاستعمالي لهاتين الكلمتين في الحياة اليومية"(11).
إن الخروج من النسق هو خروج من الاصطلاح. ويمكن أن نقول مجازا بأن مصطلحية الكلمة
هي التيار الذي يعبر منها إلى ما قبلها وما بعدها.
هذا
من الوجهة العلائقية الصرف أما إذا نظرنا من الوجهة التراتبية فلا بد من التأكيد
بأن "الفاهيم ليست […] على درجة واحدة من الأهمية، فهي تختلف بحسب الموقع
الذي تحتله، وحسب المعنى الذي تحمله. فبعضها يرتبط بأصل العلم ويمثل القواعد
العامة التي تحكم الموضوع الذي يدرسه ويتصل بكل نظرياته"(12)، و:
"ينبغي أن تكون المفاهيم الأولى التي تمثل منطلقات علم ما -حسب عبارة Lobacevsky-
واضحة ومحددة جداّ"(13).
و"تنتمي
مفاهيم أخرى من العلم إلى بعض النظريات [الفرعية] أي أنها لا تمثل القواعد العامة
المتحكمة في موضوعه بل تتعلق ببعض مظاهره وبعض عناصره"(14).
ومن
المفيد للبحث العلمي تأكيد هذين المستويين بالبحث عن المشترك الذي يضمن وحدة
المبحث أو العلم مهما عظم الاختلاف بين النظريات المتعاونة أو المتصارعة فيه.
وهذا
يبين الأهمية التي ينبغي إعطاؤها للمصطلحات المولدة للأنساق في مجال الأدب لأنه
يتعرض على الدوام للاقتحام من قبل المجالات المجاورة. فلا بد إذن من جذر يجعل
الأدب والبحث الأدبي ذا هوية، وعدم الاستسلام للواردات من كل صوب وحدب.
فانتقال
المصطلحات من مجال إلى مجال كثيرا ما يثير الالتباس إن لم يصرف أصلا عن الخصوصية
النوعية للمجال المستقبل، فالمطلوب، عند الحاجة إلى الاستيراد في المستويات الدنيا،
"ألا يحدث هذا الانتقال بلبلة واضطرابا في الأنساق الداخلية والتماسك
المفهومي للشبكة المفاهيمية من حيث تقطيعها وتسلسلها التراتبي"(15).
ومن
المعروف أن البلاغة وضمنها الشعرية، ما انفكت تستقبل مصطلحات اللسانيات والمنطق
والسوسيولوجيا وغيرها من المجالات المتصلة بالإنسان في علاقته باللغة والفن
والمجتمع، بل تسعى هذه المجالات أحيانا إلى فرض معجمها ونسقها المصطلحي. وذلك راجع
إلى أن الشعر -وهو محور اهتمام البلاغة منذ القديم- موجود في منطقة تنازع النحو
والمنطق والموسيقى والتصوير…، فقد يغري النسق (النحوي والمنطقي) أو يسعف التعبير
بـ(الصورة والموسيقى) فتستعمل مصطلحات هذه الاختصاصات وتهيمن حتى تغيب الوظيفة
الأدبية كما وقع مع علم المعاني، أو يحسم المعنى لجهة بعينها (الصورة أو الموسيقى
أو المضمون الفكري) فتضيع الطبيعة التركيبية للشعر القائمة على الالتباس.
إذا
كان استعمال المصطلحات الموسيقية والتصويرية ناتجا عن محاولة التعبير المجازي عن
فاعلية كثيرا ما تشم ولا تفرك فإن هجمات النحو واللسانيات والمنطق ناتجة عن نضال
مستمر للغويين والمناطقة لاسترجاع أراض يعتقدون أنها خرجت عن سيادتهم في ظروف
غامضة، ولذلك لا ينفكان يعينان عليها حكاما من قبلهما يدينون لهما بالولاء. وكانت
الجنود المجندة في هذه المعركة هي المصطلحات، ولعل آخر الحكام الدخلاء المجندين من
قبل اللسانيات هما: نحو الشعر ولسانيات النص الأدبي، ولكل منهما حاشية مصطلحية
تزرع غير قليل من البلبلة والرعب في النسق البلاغي، قبل أن يتمكن من هضمها أو
نبذها.
إن
حديث حازم عن العلم الكلي المترفع عن علوم اللسان الجزئية هو أحد أشكال الثورة على
هيمنة علوم اللغة.
2
ـ أمثلة لإمكانات التطبيق:
قد
لا ينازع كثيرا في محتوى هذا الكلام النظري حتى وإن آثار حفيظة جهة ما، ولكن قد
يقال: كيف السبيل إلى تحقيق هذه الهموم النسقية عمليا وفي مستوى الواقع الراهن؟
فأقول: يمكن أن يترجم الهم النسقي الذي نتمنى أن يسود في الدراسات الأدبية بالعمل
في واجهتين متكاملتين: وضع المعاجم النسقية، والبحث النظري سواء كان قراءة في
التراث أو تبييئا للحديث ترجمة وتقديما، أو حوارا بينهما.
1.2-المعجم
النسقي أو المراهنة على الجمع بين العمل التقني المكتبي والعمل النظري:
ففيما
يخص المعجم النسقي لم أطلع في اللغة العربية على نموذج يصلح لتوضيح ما يشغل بالي
في هذا المجال. والمسألة، في الواقع، مسألة هم وتخصص. فهذا المصطلح ليس شأنا لغويا
يمكن أن يقوم به المحقق أو فقيه اللغة بل هو مسؤولية المختصين المسكونين بالأسئلة
الإبستمولوجية في كل علم على حدة. المعجم الذي يمكن أن يحتذى في تجسيد هذا الهم
فيما اطلعت عليه هو الذي وضعه كريماس وكورتيس في مجال السميائيات بعنوان:
السميائيات: المعجم النسقي لنظرية اللغة
Sémiotique, Dictionnaire raisonné de la théorie du langage
لقد
استعملنا "النسقي" كما ترى ترجمة لـ raisonné
متعمدين، يدعم اختيارنا ما يأتي.
ـ
ما الغرض من هذا المعجم ذي العنوان المزدوج، وما الهم الذي يعبر عنه؟
يعتبر
المعجم النسقي ترجمة عملية للهم الإبستيمولوجي في مجال الاصطلاح، حيث تلتقي
النظرية بالتقنية والإبستمولوجيا بالتقناوية ويصبح المدخل والمفتاح بداية للتأمل
والإبداع. وهنا تظهر حاجة المعجم إلى كيفية الاستعمال، ولو في الوضع الراهن. وهذا
فعلا ما عبر عنه المؤلفان، حين خصصا فقرة من المقدمة (الفقرة السادسة)
لـ"كيفية الاستعمال"، جاء فيها: "لقد قادتنا الرغبة في الحفاظ على
التوازن بين التشتت الأبجدي والتنظيم التصنيفي (الصنافي) المختفي وراءه، الرغبة في
إيجاد وسيلة للتصفح توصل مباشرة إلى الغرض، من جهة، وتكون مدخلا عاما شاملا لنظرية
اللغة من جهة ثانية، قادنا كل ذلك إلى إقامة نسق لإحالات متعددة المستويات"(16).
"فهناك
تعريف موجز، وتنسيق مضاعف، يتحقق من خلاله التعريف المتبادل (أو التعارف) interdéfinition،
ترد في تعريف المصطلح كل الألفاظ/المصطلحات التي تتقاطع معه معلمة بنجمة تعلن عن
طبيعتها وتحيل عليها داخل المعجم، كما تسجل في نهاية التعريف المصطلحات اللصيقة
به. "فالإحالات المتبادلة تسمح باختبار الانسجام المفترض في التفكير النظري.
إذ لم نلبث أن لاحظنا الطابع الحشوي (التعددي أو التشعبي) لمشروع من هذا القبيل:
فباستثناء الكلمات المستعملة كأدوات وبعض الأفعال نجد جميع المصطلحات المدرجة في
هذا النص معلمة بنجمات"(17).
وقد
سجل المؤلفان بوضوح أنه "ليس من السهل عقد حديث مقنع بين الإبستمولوجي
والتقناوي المنهجي وقد ظلا يتجاهل أحدهما الآخر"(18). يستند هذا
السعي النسقي إلى تعريف للمصطلحات يعتبره معالم في تمفصل النظرية أو مفاصل لها:
المصطلح منطقة تقاطع العلائق: "حين نذهب إلى أن السميائيات، على اختلافها،
ليست أكثر من شبكة من العلاقات (أو نذهب إلى أن اللغة الطبيعية، أية لغة طبيعية،
هي مجرد علاقات خلافية)، فلا يمكن حالئذ تعريف المصطلحات إلا باعتبارها نقطا
لتقاطع مختلف العلاقات، وهكذا فإن اختبار البنية الأولية للدلالة يبين جيدا كيف أن
كل مصطلح من المربع السميولوجي عبارة عن نقطة تقاطع لعلاقات التضاد والتناقض
والتكامل. هذا، وإن تمثيل شبكة علائقية بشجرة يظهر في حد ذاته كيف أن المصطلحات
المتعلقة بنقط التفرع هي "حلقات موصلة" بين العلائق، وعلائق في الوقت
نفسه، علائق تتحول إلى مصطلحات بالنظر إلى مستوى تراتبي أعلى […]، وهكذا تبقى
أطراف الصنافة (أو نهاياتها) وحدها غير متمتعة بصفة مصطلح بالمعنى الدقيق
للكملة"(19). وبعبارة أخرى فالمصطلح هو التسمية (اللافتة) الموضوعة
على نقطة تقاطع العلائق (أو على تقاطع الطرق داخل شبكة علائقية)، تسمية تتحق حسب
المسطرة المتبعة في المعجمة"(20).
إن
الفكرة التي حاول الباحثان تجسيدها عن طريق الاستعارة مستحضرين اللافتة وتقاطع
الطرف هي التي اقترح كانديلاكي تمثيلها تخطيطا اعتمادا على وصف P.F.Jolon
لـ"نسق نظرية المعرفة"، وصفا يجعلها ملموسة، قائلا: "إذا ما مثلنا
التجريدات بنقط والعلاقات المنطقية التي تربط بينها بخطوط مستقيمة فيمكننا أن نمثل
النسق بشبكة متكونة من مجموعة من النقط تجمع بينها خطوط يقطع بعضها بعضا"(21).
التنسيق الخطي لنسق نظرية المعرفة
وبخلاف ذلك فقد يفقد المعجم هذه الطبيعة النسقية فلا يرى
مؤلفه ما يدعو إلى قول أي شيء يقدم له معجمه أو يؤخره، كما هو حال معجم المصطلحات
الأدبية من "إعداد" السيد ابراهيم فتحي. فقد صدر بدون مقدمة ولا خاتمة؟!
ونظرا لأن صاحبه غير معروف بنظرية مثل كريماس وكورتيس يمكن
الاطمئنان إليها واعتبار المعجم صيغة تقديمها، ونظرا إلى عدم وجود مؤشرات هم نسقي،
ونظرا لأنه لم يوثق التعاريف الواردة فيه، ثم بعد ذلك، نظر إلى أن الأمر يتعلق
بـ"إعداد" دون ذكر الأصل الذي تناولته العملية.. الخ فلست أدري ما هو
الحوار الذي يمكن أن يعقده الباحثون مع هذا المعجم وما في حكمه؛ أسئلة على وجهها،
وإن كانت لا تخلو من قلق. وإذ أسجل هذه الملاحظات في حدود المنهج وشروط الطمأنينة
العلمية لا أقوم المحتوى العلمي للعمل بالصواب والخطأ، ولا مدى إفادته في مستوى
الثقافة العامة، فليته حدد مرماه.
وحين نحصر الاهتمام في البحث البلاغي يمكن أن نعتبر معجم
البلاغة والشعرية Dictionnaire de théorique et de
poétique لـ(هنري موريي)
أشهر المعاجم النسقية في هذا المجال برغم الطابع الإبداعي أو الانطباعي لعمل
المؤلف فيما يتعلق بوظائف الصور البلاغية.
2.2-القراءة النسقية للبلاغة العربية:
الأمثلة التي يمكن الاستدلال بها في الثقافة الغربية كثيرة؛
من أقدمها في الفرنسية كتاب: Les figures du discours (الأوجه البلاغية للخطاب) من تأليف Fontagnier. ومن أحدثها كتاب Structure du langage poétique (بنية اللغة الشعرية) لـJean Cohen. وقد حاول كل منهما إيجاد نسق يستوعب كل الأوجه البلاغية بل سعى
الثاني إلى تفسيرها باحثا عن البنية المشتركة أو النسق الجامع. ولعل أشمل وأوجز
خطاطة لقراءة البلاغة الغربية وتصنيف صورها تحت مقولات عامة هي تلك التي قدمها
هنريش بليت في البلاغة والأسلوبية(22). ولم أطلع بعد على عمل نسقي حديث
في اللغة العربية يعيد تصنيف البلاغة العربية في إطار الأسئلة المعرفية الحديثة
تنسيقا شموليا يستوعب كل أوجهها وصورها. أتمنى أن أكون مخطئا.
إن غياب الجرد المنسق للمصطلحات في الدراسات النظرية للبلاغة
العربية كثيرا ما قلل جدوى قراءتها بالنسبة للدارس الذي يبحث عن محاور قوامه خطة
تقبل عن بينة أو ترفض عن بينة، خطة تستوعب المنتوج المصطلحي أو جانبا منه. وهذا لا
ينفي وجود مجموعة من الدراسات الجزئية التي تناولت بعض المصطلحات المولدة مثل
الصورة والإيقاع أو الموسيقي والموازنات. فقد ألفت كتب كثيرة حول الصورة تناولت
مجموعة من الأوجه البلاغية مثل الاستعارة والتشبيه والكناية والرمز بأنواعه على
خلاف بين الدارسين، ولكن الموضوع لم يقطع ولم يفرع بشكل يحدد لكل مصطلح حيزا
وموقعا ويبرر إقصاء ما أقصي مما يعود إلى الاعتبارات نفسها أو يلحق بها إذا انعدم
هذا المبرر، ولذلك بدا مفهوم الصورة صياغة جديدة لما أسماه السكاكي علم البيان،
وهو مفهوم في حاجة إلى فحص بالمقارنة بمجموع الصور الداخلة في مفهوم الإلحاق وخروج
الكلام عن مقتضى الظاهرة.. إن البحث عن النسق المصطلحي هو الذي سيضع أيدينا على
الكثير من الخلل في قراءة بعض القدماء الذين بسطوا سلطانهم على البلاغة العربية
إلى الآن.
النسقية تقتضي، كما سبق، أن تكون هناك معايير واضحة يحتكم
إليها عند التصنيف وأن تكون مناسبة للموضوع بنية ووظيفة، أي أن تكون إجرائية. وهذه
التصنيفية قراءة يتم فيها الحوار بين الرصيد القديم والتصورات الراهنة مع الاحتكام
إلى النصوص الموصوفة. وأشهر تصنيف لصور البلاغة العربية لقي القبول هو تصنيف
السكاكي:
بلاغة
معاني
بيان بديع
وبرغم
وضوح منطلق التمييز بين المعاني والبيان في الظاهر فإن التمييز بينهما وبين البديع
ليس مفهوميا بل هو تقويمي تحكمه خلفيات مذهبية أوضحناها في غير هذا المكان. ويمكن
التشكيك في انسجام المواد المنضوية تحت كل مصطلح، هذا بالإضافة إلى ما يثيره
مصطلحا "بيان" و"بديع" من تشويش لكونهما مستعملين أيضا في
تيارين كبيرين في البلاغة العربية، تيار البيان مع الجاحظ وتيار البديع انطلاقا من
ابن المعتز. وقد كان السكاكي في تصنيفه هذا يقرأ عمل عبد القاهر الجرجاني. ربما
كان الاحتفاظ ببعض المصطلحات المولدة عند الجرجاني أدل وأبعد من الغموض، وأقدر على
التوليد:
بلاغة
نظم
صورة ؟ [ الإيقاع ]
صورة
المعنى
تشبيه
عدول
مفرد
تمثيل مجاز كناية
استعارة
مرسل
ومن الأعمال التي خاضت مغامرة التنسق على نطاق واسع منهاج
البلغاء لحازم القرطاجني فقد سعى إلى استيعاب الخطابين البلاغي والنقدي بكل
تشعباتهما في نسق متماسك دال، (حاولنا الإمساك به على صعوبة ذلك في كتابنا تاريخ
البلاغة العربية).
وقد اقترحنا نسقا لتنظيم مكونات إيقاع الشعر العربي في
كتابنا تحليل الخطاب الشعري البنية الصوتية، مع تأريخ وتطبيق في كتابين ملحقين به.
3 ـ هيمنة التراكم على المنجز في قراءة التراث:
لا نريد أن نصدر حكما على ما أنجز من دراسات في العالم
العربي في مجال المصطلح عامة والمصطلح الأدبي خاصة، لقصور اطلاعنا، ومن المجدي
بخلاف ذلك الإشارة إلى نموذج بعينه، يعمم الحكم تلقائيا على كل ما يشبهه، وما
أكثره.
يتميز العمل التراكمي بتخريج ألفاظ النقد والبلاغة وعرضها
على المعاجم القديمة أو بالأحرى عرض المعاجم القديمة عليها، دون اهتمام بالنسق المفهومي
الذي تنتمي إليه هذه المصطلحات، قد يكون هذا الإجراء غاية، في ذاته وقد يصرح بأنه
تمهيد لغاية أخرى كالمعجم التاريخي مثلا، هذا هو حال مجموعة من الرسائل والدراسات
الجامعية التي ينجزها طلبة الدراسات العليا والدكتوراه بكلية الآداب بفاس منذ أكثر
من عقدين تحت إشراف مجموعة من الأساتذة ينضوون في مجموعة للبحث باسم: معهد
الدراسات المصطلحية.
لقد بينا في مناسبات عديدة أن غياب النسق يقلل من جدوى هذا
العمل إن لم يذهب به أصلا. بل عبرنا أحيانا (أثناء مناقشة رسائل جامعية) عن احتمال
تضرر الحاسة النقدية عند الطلبة الباحثين الذين يفنون زهرة أعمارهم في عمل غير
عقلاني من هذا القبيل.
فمن العيوب المنهاجية المترتبة عن غياب النسق ذكر الثانوي
وإهمال الرئيسي، وإقحام غير الإجرائي في المجال الذي ينتمي إليه العمل، وعدم
التمييز بين المصطلحات الداخلة في نسق المؤلف والمصطلحات الواردة عرضا عنده.
نكتفي في هذه المناسبة بمثال واحد من العمل الذي تقتفي أثره
هذه المجموعة من الباحثين وهو كتاب الأستاذ الشاهد البوشيخي: مصطلحات نقدية
وبلاغية في كتاب البيان والتبيين للجاحظ. وقد تم استنساخه في منحدر من التلاشي
النوعي بلغ حضيض التردي أحيانا.
فمن إهمال الأساسي وذكر الثانوي، في هذا الكتاب، عدم ورود
كلمة "خطابة" ولا كلمة "مقام" ولا كلمة "وسط" أو
وسطية بأية صيغة بين المصطلحات المستخرجة. في حين أن مدار الكتاب هو الخطابة ومدار
الخطابة في الكتابة هو المقامات والأحوال، وخلفية ذلك كله وفلسفته هي الوسطية
والتوسط كما تشهد بذلك صحيفة بشر بن المعتمر التي تشير بمحتواها بالطريقة الرمزية
التي قدمها بها الجاحظ إلى الانقلاب الذي وقع وقتها في منهجية تدريس الخطابة. ولو
أن المؤلف فكر لحظة في تنسيق مجموعة من المصطلحات التي أوردها هو نفسه في معجمه
لأخذت بيده، ولقادته إلى مصدرها وجنسها الأعلى (الخطابة) وأساس فاعليتها (المقام)
ولأدى به المقام إلى الاصطدام بالإطلاق البلاغي ثم تقييده بالتوسط والوسطية. من
هذه المصطلحات التي ظلت يتيمة في الكتاب لغياب أمها، ومعلقة في الهواء باجتثاث
جذرها: الشوهاء، البتراء، الشاهد، الحُكْلة، التتعتع…الخ فهذه وغيرها صفات تقتضي
حضور الخطابة في المعجم والإحالة عليها باستمرار. لعل هذا ما حذا بإدريس الناقوري
إلى القول: "إن المؤلف لم يوضح المعايير التي اصطنعها في دراسته لبعض مصطلحات
الجاحظ ولم يبرر إغفاله لبعضها الآخر"(23).
إن التمدرس بالتأليف البلاغي القديم لن يتصور كيف يمكن
استخلاص المصطلحات دون الوصول إلى الأنساق، فكثيرا ما استعمل المؤلفون القدماء
اللفظ الواحد بمعنيين مختلفين بل متعارضين. من ذلك مثلا استعمال عبد القاهر
الجرجاني لكلمتي "العقل" و"اللفظ".
المثال الأول: المعنى العقلي.
استعمل العقل والعقلي عند الجرجاني استعمالين متناقضين: من
الضد إلى الضد: وذلك داخل كتاب أسرار البلاغة وحده.
أ ـ المعنى الأول: العقلي ضد الحسي.
تتبع الجرجاني في القسم الأول من الأسرار مستويات البلاغة
باعتبار الحسية والعقلية. فهو يرى أن قيمتها تزيد صعودا كلما زادت عقلية وتجريدا(24).
ب ـ المعنى الثاني: العقلي ضد التخييلي.
وحين انتقل في آخر الكتاب للحديث عن المعاني القابلة للأخذ،
أي للسرقة، والمعاني غير القابلة للأخذ، جعل العقلي في مقابل التخييلي، فالعقلي
هنا ما لا يعتد فيه بالأخذ لأنه مشترك أي غير شعري. العقلي هنا هو المنطقي المجرد.
إنه من السهل أن نمد قنطرة بين المعاني العقلية في أول
الكتاب والمعاني التخييلية في آخره وهذا ما بيناه فعلا(25)، ولكن هذا
لا يحل مشكلة استعمال مصطلح واحد استعمالين مختلفين متنقاضين.
المثال الثاني: "اللفظ"
تحدث الجرجاني عن اللفظ في الأسرار باعتباره أصواتا مسموعة.
وهو بذلك نقيض للمعنى. وأرجع المعنى إلى أصول عامة هي: التشبيه والاستعارة
والتمثيل، والمجاز أيضا، باعتباره أصلا للاستعارة.
وعلى هذا الأساس بني كتابه أسرار البلاغة. وعند الانتقال إلى
كتاب الدلائل، أي الانتقال من الغرابة الشعرية إلى المناسبة التداولية، أدرج هذه
الأصول المعنوية تحت العناصر البلاغية اللفظية. فاللفظ في النسق البلاغي للدلائل
هو: الاستعارة والتمثيل والكناية. وهذا المفهوم يدخل في عملية مصالحة من الاتجاه
التقليدي الذي يجعل البلاغة في اللفظ. وفي إطار هذه المصالحة تمت الإبداعات الكبرى
للبيان تحت مفهوم صورة المعنى ومعنى المعنى، فما يسميه القدماء لفظا هو: صورة
المعنى، ومعنى المعنى، وليس ما فهمه المتأخرون أي الأصوات"(26).
إن أصحاب الاتجاه التراكمي ينقلون بعض الأدبيات التمجيدية
للمصطلح والمصطلحية عن المنحى اللساني عبر وسائط متعددة، ينقلها الخلف عن السلف ثم
ينسونها نهائيا عند تخريج المصطلحات، فليست لهم مرجعيات إبستمولوجية تحثهم على
البناء النسقي، بل يعادون كل حديث من هذا القبيل، ويعتبرون القراءة الحديثة
"حملة" "مشنونة" على النقد العربي القديم(27).
إن عمل هذا الاتجاه يعيد تاريخ البلاغة العربية خطوات إلى
الوراء، إنه شبيه في أحسن الأحوال بعمل البديعيين في التراث العربي، يقف، في أحسن
الأحوال وبقطع النظر عن عشوائيته، عند تكوين ما يمكن أن ندعوه المجموعة المصطلحية
أو الألفاظ الخاصة بعلم ما، على نمط ما فعله عبد الله بن المعتز وأبو هلال العسكري
(في الفصل المخصص للبديع) وأسامة بن منقد وابن أبي الإصبع وابن حجة. ومن اتبع
طريقهم في الجمع والتشقيق. وقد وصل عدد الصور المسجلة في هذه المجموعات مئات
المصطلحات نتيجة التباري والمكاثرة.
ومن المعروف أن المسار التراكمي البديعي، في التراث العربي،
قد وصل إلى مرحلة من العقم عندما تحول إلى منظومات تحفظ في الذاكرة بعد أن استعصى
على أصحابها حفظها في أنساق ذات مفاتيح. وقد أحسن بعض البلاغيين الذين أتيح لهم
الاتصال بالمنطق بضرورة تنسيقها، لاحظ هذه الحاجة ابن أبي الإصبع ثم اقتحمها
السجلماسي وابن البناء في مستوى البديعيات وحاولها السكاكي وحازم في المستوى
البلاغي العام.
لقد تطلبت منهم عملية البحث عن الأنساق تغييب التجليات ولن
يتم ذلك بنفيها أو تناسيها بإلحاق بعضها ببعض وتسمية المشرك منها في صفة عليا بتلك
الصفة ليصير الاسم جنسا لها وناظما لما تفرق منها. ولا شك أن مساكنة الآخرين تقتضي
التنازل عن بعض الخصوصيات أو إخفاءها مرحليا، إذ يمكن أن يجمع بين مفاهيم من جهة
مع الاحتفاظ بافتراقها من جهات، وهذا ما تظهره فروع الشجرة. ومن الأكيد أن التقدم
العلمي وتوسع مجال الرؤية واختلاف مواقعها يطلبان دائما إعادة التنسيق من أجل
التلاؤم مع التصورات الجديدة قصد التفعيل والتشغيل. فحين وضع الأنساق تعرض
المصطلحات القديمة لعملية تعريف جديدة لا محيد عنها يزاد في مجالها أو ينقص حسب
مؤهلاتها اللسانية والمفهومية. فالذي نواجهه عادة في قراءتنا النسقية هو تسمية
الأجناس العليا التي ما هي في الواقع إلا مفتاح مختصر لمجموعة من المصطلحات صفة
مشتركة بينها تعود إليها في مبدأ أمرها أو نعيدها إليها في استراتيجية قراءتناn
الهوامش:
1
ـ جاء في تعريف المصطلحية في معجم كريماس وكورتيس: "الذي ندعوه مصطلحية هو كل
مجموعة من المصطلحات المحددة إلى حد ما، المكونة جزئيا للهجة خاصة (أو لغة خاصة).
والمصطلحية التي تتعارف مصطلحاتها وتكون قواعد بنائها واضحة هي المؤهلة للتحول إلى
لغة واصفة" (Sémiotique,
Dictionnaire raisonné de la
théorie du langage:terme)
2
- Les sens des
termes et les systèmes de sens des
terménologies
scientifiques et techniques, p.136.
3
ـ نفسه، 142.
4
ـ نفسه، 136-137.
5
ـ نفسه، 156.
6
ـ نفسه بتصرف في العبارة.
7
ـ نفسه، 137.
8
ـ نفسه.
9
ـ نفسه، ص150.
10
ـ نفسه، 151.
11
ـ ضمن كلام EN JOLIKINA
(ص156).
12
- Les sens des
termes et les systèmes de sens des
terménologies
scientifiques et techniques, p165.
13
ـ نقله كانديلاكي في المرجع السابق، ص165.
14
ـ كنديلاكي المرجع السابق.
15
ـ ليلى المسعودي، المصطلح الطبي وتقاطع المجالات، 33-34.
16
- Avant propos, p.6.
17
ـ نفسه.
18
ـ نفسه، 3.
19
- Sémiotique, Dictionnaire raisonné,
Terme.
20
ـ نفسه.
21
- انظر في:
Les sens des termes et les systèmes
de sens des terménologies scientifiques
et techniques, p.163.
22
ـ انظر البلاغة والأسلوبية، ص41.
23
ـ المصطلح النقدي، 13.
24
ـ انظر العلاقات التشبيهية في القسم الأول من أسرار البلاغة.
25
ـ في الفصل الثاني من الباب الثاني من كتاب تاريخ البلاغة، الأصول والامتدادات
الذي أخذنا منه هذا المثال.
26
ـ اقتطفنا هذين المثالين من مقدمة كتاب لنا نتوقع ظهوره قريبا بعنوان: البلاغة
العربية أصولها وامتداداتها.
27
ـ انظر الشاهد البوشيخي. مصطلحات النقد العربي، 22. قال: "ثم ظهرت فيه بأخرة
موجات من القراءات الجديدة له، ضمن حملة القراءات المشنونة عليه وعلى غيره".
المراجع:
ـ
البوشيخي الشاهد، مصطلحات نقدية وبلاغية في كتاب البيان والتبيين للجاحظ، دار
الآفاق الجديدة، بيروت 1982.
ـ
كوهن جان، بنية اللغة الشعرية، ترجمة محمد الولي ومحمد العمري. توبقال، الدار
البيضاء 1986.
ـ
محمد العمري:
أ-تحليل
الخطاب الشعري، البنية الصوتية. الدار العالمية، الدار البيضاء 1990.
ب-الموازنات
الصوتية في الرؤية البلاغية، منشورات دراسات سال 1991 الدار البيضاء.
ـ
هنريش بليت، البلاغة والأسلوبية، ترجمة وتقديم د.محمد العمري، منشورات دراسات سال
1989 الدار البيضاء.
-Fontanier Pierre,
Les Figures du
discours. Flammarion 1977.
-Greimas A.J. Courtés J.,
Sémiotique,
dictionnaire raisonné de la théorie du langage.
Hachette 1979.
-Kandilaki T.L.,
Les sens des
termes et les systèmes de
sens des
terménologies scientifiques et techniques. In Textes choisis de terminologie. Fondements théoriques de la terminologie.
Université Laval. Quebec 1981.
-Wersig G., Procédés et problèmes de la recherche terminologique. In Textes choisis de terminologie.
Fondements théorique de
la terminologie.
Université Laval. Quebec 1981.