طريق الفضيلة الصعب
محمد معتصم
I - الصراع
الحضاري والتفاعل الثقافي:
1 - إن قارئ روايات الكاتب اليوناني نيكوس كازانتزاكي لا بد أن
يلاحظ مدى تأثره بالصراع الحضاري والثقافي في بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط، سواء
في الوقت الحاضر؛ القرن العشرين، أو في العصور السالفة. وإذا ما قمنا بتتبع
محتويات كتابته فإننا سنقف على معالم الفضاء الروائي لديه، وهو فضاء مشترك بين أهم
أعماله الروائية والأكثر ذيوعا، مثل روايته "زوربا اليوناني"
و"رسائل أل غريكو"، و"المسيح يصلب من جديد"، وكذلك الرواية
التي سنعتمدها في هذه الدراسة؛ "القديس فرانسيس: فقير الله القديس فرانسيس
الصقلي". وهذه المادة الروائية كافية بأن تبرز لنا عددا من ملامح الكتابة
لديه.
2- غالبا ما يتطرق كازانتزاكي في أعماله إلى الصراع الحضاري
والثقافي بين دول ضفتي البحر الأبيض المتوسط. ويتجلى الصراع الحضاري في ما بلغته
المدنية في كلا الضفتين. وذلك نتيجة الصراع التاريخي البعيد الأمد. أقصد التفاعل
والصراع من أجل إخضاع كل ضفة للأخرى بالتناوب. ففي زمن مضى كانت الضفة الجنوبية
صاحبة حضارة متطورة ومتقدمة، وكان ميزان القوة لصالحها، وهذا ما سمح لها بأن تعبر
إلى الضفة الشمالية لتنقل إليها ما بلغته من علوم ومن ازدهار ومن فهم واستيعاب
لحقيقة الوجود الإنساني على سطح الأرض. فخضعت الضفة المستضعفة لقانون الضفة الجنوبية.
ودام ذلك مدة طويلة من الزمان. ولأن الزمان دول بين الناس، فإن الموازين انقلبت
ابتداء من القرن الثاني عشر وخاصة القرن الخامس عشر الميلادي. حيث أصبحت الضفة
الشمالية مالكة لقوة علمية وثقافة نافذة فارتأت أن تنقلها للبلاد المتفرقة في
الضفة الجنوبية. فكان بذلك الصراع الحضاري والثقافي المعروف تحت اسم (الحروب
الصليبية). وتكاد أعمال نيكوس كازانتزكي تجمع حول هذا الموضوع. لأن الضفة الجنوبية
تحتل مكانة هامة في مساحة تفكيره، وفي مخيلته الإبداعية. هل هو سحر الشرق؟ ذلك
الأفق اللازردي والفائح بروائح العطور والتوابل! بل ذلك الشرق الحاضن للقبر
المقدس! ذلك الشرق الذي مشى على أرضه المسيح حافيا داعيا إلى الفضيلة وإلى المحبة.
ذلك الشرق الذي قطرت على رماله دماء مقدسة. من هنا يبدو أن الضفة الجنوبية هي في
الأصل شمال بوصلة نيكوس كازانتزكي جميع تفكيره يتجه نحوها. لأن الشرق واقع مشى
عليه المسيح وتنفس هواءه. ولأن الشمال لا يملك من كل ذلك غير السماء التي رفع
إليها. إنه حنين يحرق شغاف المبدع والمفكر الإنساني.
في روايته "القديس فرانسيس" تتكرر لفظة تحرير
"القبر المقدس" باستمرار، ويحن فرانسيس إلى أن تطأ قدماه أرض إفريقيا،
وقد تحقق له ذلك فلمست قدماه رمال (دمياط) بمصر لكنه عاد خائبا، وعاد منها بآلام
في عينيه.
بخصوص الحروب الصليبية يورد الكاتب عددا من الأحكام والآراء
ينتقد فيها انحراف الجيوش الصليبية عن الأهداف التي خصصت لها. فافتتان الجنود بغنى
وجمال القسطنطينية مثلا جعلهم يتحولون إلى لصوص ينهبون خيراتها. كما نهبت خيرات
فلسطين، يقول النص: "كانت عقول وأفكار الجميع متجهة نحو نهب أورشليم" ص
(214). وقد تلتها في العصر الحالي هجمة أكثر شراسة على الضفة الجنوبية وتعرف باسم
(الغزو الإمبريالي). ويؤكد كازانتزاكي في الفصل الثامن من رواية "فرانسيس
الصقلي" انحرافات جيوش الصليبيين حيث يرى أن الهدف المقدس للهجمة لم يكن إلا
ذريعة وحجة تتخفى خلفها الأطماع المفترسة والهجمات البربرية، وهو في هذا الموقف
يتجلى ككاتب إنساني وكوني يناهض كل أشكال القهر والاغتصاب ومنع الحريات. ونلاحظ
ذلك أيضا في موقفه من الأتراك عند اغتصابهم أرض اليونان في روايته "رسائل أل
غريكو" و"المسيح يصلب من جديد". وفي روايته "القديس
فرانسيس" يقول: (على لسان تابعه ليو): "أفضل أن لا أتذكر تلك الأيام
وتلك الشهور. إن ضجيجها لا يزال يصخب في عقلي ويجعلني أشعر بالدوار. ليس إلا الفحش
والأغاني النحاسية واللعنة التي سمعناها حين وصلنا السهل حيث نصب الصليبيون
خيامهم. هل كان أولئك هم جنود المسيح حقا؟ لم يكونوا يتكلمون إلا عن الغنائم التي
سوف يحصلون عليها والنساء اللائى سوف يستعبدونهن والمسلمين الذين سوف يقتلونهم.
ولم يمر المسيح على شفاههم. ومن الصعب علي التذكر كم من الأسابيع بقينا معهم. في
كل يوم كان فرانسيس يقف على صخرة ويعظ عن القبر المقدس ورحمة الله. كان الصليبيون
يمرون من أمامنا، البعض منهم لم يبال حتى بالالتفات إلينا، بينما كان البعض الآخر
يقفون ليضحكوا منا أو ليرموا فرانسيس بقبضة رمل"، (ص 212).
ولأن كازانتزاكي كاتب متمرد وكاتب إنساني مؤمن بالإنسان
الفاضل فإنه في هذا المجتزأ ينتقد الحروب الصليبية، التي عوض أن تؤدي مهمتها
الأساس التلاقح الثقافي والحضاري قامت بالاستيلاء والاستغلال لثروات وخيرات الضفة
الجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط.
II
- ملامح الكتابة:
1 - إن الكتابة لدى نيكوس كازانتزاكي جذابة بأفكارها وتعتمد
على اللحظة التي يستسلم فيها القارئ كليا إلى سحر الكلمات وينفعل فيها القارئ مع
بخار المعاني التي تروم السمو بالروح وإلى الرفع من قيمة الإنسان وتحفيزه على
الارتقاء. وكأن الكاتب قد وضع نصب عينيه العالم المتدني، العالم الذي يخوض في
الوحل. لذلك فالكتابة عند نيكوس كازانتزاكي صعبة جدا وتتطلب منا جهدا فكريا حذرا
قدر المستطاع من التعاطف الذاتي مع الفكرة. والناقد ليس إلا قارئا من نوع خاص،
يتفاعل مع العمل ويتجاذب وإياه. لكن عليه أن يكتب من خلال الهوة الفاصلة بين
الذاتي والموضوعي. وهو ما يمكن وصفه بالصعب عند الكتابة عن الروايات الأساسية
لنيكوس كازانتزاكي، وهي روايات ذات بعد إنساني وتمتح مادة تخييلها وإبداعها من
مجالين مترابطين رغم تناقضهما؛ الأول دنيوي يدعو إلى الإغراق في الملاذ والمتع.
والثاني كنسي يروم إصلاح الروح الإنسانية. إنه فضاء تتجاذبه ثنائية الروح والجسد،
وثنائية الارتقاء والانغماس، الارتقاء إلى الإنسان الأعلى القادر على تخليص الروح
من أدران الجسد وخطاياه، والانغماس في الملاذ والمتع المتاحة, لأن الحياة مهما
طالت قصيرة.
2 - لكن هل يكفي اختيار الفضاء والمجال الإبداعيين لكي نخلق
أدبا مؤثرا وفاعلا وجميلا؟ طبعا نحتاج إلى مقومات إبداعية أخرى مكملة. يرى
كازانتزاكي قمة الفن تتجلى في تحويل ما هو مألوف، وما هو واقعي إلى أسطورة خارقة.
بل الفن هو الأسطورة. يقول كازانتزاكي في تمهيده لرواية "فقير الله القديس
فرانسيس الصقلي": "إن الفن […] يغذي القصة، ثم يختزلها ببطء، وبشكل
متألق، ويحيلها إلى أسطورة"، (ص 5).
إذن ما هو الشيء الأهم في هذه الملاحظة؟ ما هو الشيء الأكثر
أدبية؟ طبعا ليس القصة (l'histoire)؛ المحتوى أو المادة الحكائية، ومجموع الأحداث المتعاقبة
والشخصيات الفاعلة والمتفاعلة. ولكن طريقة كتابة القصة، والصيغة التي تحول المادة
الحكائية إلى أسطورة. ونقصد طبعا الخطاب (Le discours) الذي يتكلف بتنظيم الأحداث، ويوزعها حسب ما يراه هو مؤثرا وفاعلا
وأكثر جاذبية، ويتكلف بالشخصيات فيركز على شخصية دون أخرى سواء تعلق الأمر
بالأفعال أو بالأوصاف. في رواية "القديس فرانسيس" تتحول المادة
الحكائية، وهي عبارة عن سيرة غيرية يكتبها (ليو) الشحاذ وفاء لرفيقه و
"معلمه" القديس، تتحول المادة الحكائية إلى خطاب روائي بسيط لكنه نافذ
إلى شغاف القارئ يلعب بها كيف يشاء، يجذبه بقوة خارقة نحو الأمل حينا ونحو اليأس
آخر. إن كتابة نيكوس كازانتزاكي تنبني على البناء الخارجي (تقوم عليه)، كتصفيف
الأحداث بدقة، وزرعها بحدائق موصوفة بدقة، وبعبارات مأثورة وصور شعرية (فنية) تصل
إلى خصائص الشخصية الروائية، دون أن تقف عند كل صغيرة أو كبيرة. كما أنها تلعب
بالزمان وتختزله في عبارات مصكوكة. واختزال الأحداث بعد من أبعاد اختزال الزمن
كتقنية كتابية تشد القارئ إلى القصة. وطبعا يشد القارئ إلى القصة عبر الخطاب. ومن
الأمثلة على الاختزال؛ اختزال الأحداث وتسريع وتيرة الحكي ما يلي: "وحكيت لها
كل شيء، بدءا من اليوم الذي عرى فيه ولدها نفسه أمام المطران والمواجهة مع المجذوم
الذي كان هو المسيح ذاته، ثم رفينا، حيث المحارب القديم، وبعد ذلك الدير الذي
جلدونا فيه وأخيرا كلارا ابنة الرجل النبيل وحزنها"، (ص 115).
3 - يسجل (تودوروف) الفرق الحاصل بين زمن القصة وزمن الخطاب.
فإذا كان زمن الخطاب خطيا فإن زمن القصة متعدد الأبعاد. وهو في ذلك يطبق ما
استنتجه (دي سوسور) بخصوص زمنية اللغة. فإذا كان المعنى متعددا معجميا ويخضع فقط
للسياق فإن الكلمة، ثم الجملة كأكبر وحدة دلالية، لا يمكنهما، بناء وصرفا، إلا أن
يخضعا للخطية. هذا التماثل بين السردي واللساني سمح لتودوروف، وللبنيويين عموما،
بالفصل بين القصة والخطاب. وبالتالي يمكن القول إن الخطاب تشكيل جديد لعناصر القصة
(الأفعال والشخصيات). فهو يرتبها كيف يشاء. وبفضل هذه الإمكانية يخلق كازانتزاكي
من السيرة الغيرية- وهي كتابة محببة لديه- أسطورة. ويتم الانتقال بين الأجناس
والعبور بين حدودها عبر استغلال الزمن، بين الإبطاء الشديد وذلك بالانتقال من تتبع
الأحداث إلى وصف المشاهد الطبيعية. وكما هو معلوم فالوصف بدوره متعدد الأبعاد
والوظائف. هناك الوصف الذي يكاد يكون وقفة مشهدية ثابتة. وهناك الوصف المسرود الذي
يصف الأحداث في تحولاتها. وهو الذي يقودنا إلى تحديد الإمكانية الثانية في استغلال
الزمان كالوصف المسرود، ولدى كازانتزاكي نلاحظ ذلك متخللا الأحلام والرؤى
والنبوءات والمعجزات.
في رواية "القديس فرانسيس" نجد كذلك إمكانية
زمانية أخرى كالقفز على المراحل وذلك بتجاهلها أو باختزالها في عبارات دالة. وهو
ما يطلق عليه القرائن المجردة والقرائن اللسانية السياقية, إلى غير ذلك من
إمكانيات تسمح للخطاب بتشكيل مادة الحكي والخروج بها إلى ميدان الأدب واكتسابها
شرط الأسطورة. ورواية "القديس فرانسيس الصقلي" ذات بعد ملحمي. لهذا هي
مبللة بالجموع والآلام، والفرح فيها طارئ وغواية. والبعد التراجيدي لا يتأثر إلا
من خلال اللعب على مكون الزمان.
4 - تتكون الرواية من ثلاثة عشر فصلا مع تمهيد مهم في تحديد
معنى الفن لدى كازانتزاكي. وتقوم الرواية على سردين؛ الأول منبن على القصة، تعاقب
أفعال القديس فرانسيس منذ حياته المدللة والهينة، إلى مماته الفاجع والحزين.
والثاني منبن على الخطاب، أي تصرف (ليو) الشحاذ في ترتيب الأحداث بالإضافة إليها
من خلال تقنيات عديدة ذكرنا منها إمكانات الزمان البطيء والسريع. أو الحكي البطيء
والحكي السريع. ونضيف هنا بعض الإمكانيات الكتابية التي وظفها (ليو) كراو شخصية
مشارك في الأفعال وطرف فيها وشاهد يؤكد حقيقة الوقائع ويدعمها.
من تلك الإمكانيات التي تجعل كتابة كازانتزاكي مؤثرة وجذابة
نجد:
أ - الاسترجاع:
إن كان الاسترجاع ذا بعد زماني فإنه أيضا إجراء كتابي خطابي
يكسر الكاتب من خلاله التدفق الرتيب والمطمئن للأحداث والسيرورة القصصية. ووعيا
منه بهذه الانكسارات التي تحدث على سطح الحكاية قام (ليو) الشحاذ والروي الشخصية
بالتضرع إلى الله كي يجعل ذاكرته متيقظة لا تغفل أية صغيرة أو كبيرة في حياة
فرانسيس المروية؛ يقول النص: "ثم بدأت، يا أبي فرانسيس، كي أسجل أحداث حياتك
وعصرك، وليساعدني الله وليكن دليلي"، (ص 19).
إن للذاكرة دورا فعالا في ترتيب الأحداث والربط بينها في
انسجام أو تقطع. والرواية عبارة عن استرجاع من الذاكرة.
ب - البوح:
إنه إمكانية كتابية ذات بعد ودلالة زمانيين. ويكون تأثيرها مزدوجا
على وتيرة السرد وعلى المتخيل وفضائه. ومن خلال البوح تبرز بعض المواقف المسكوت
عنها عنوة وخارج المراقبة المفروضة على أقوال وأفعال الشخصيات من قبل الراوي أو من
لدن الكاتب الواقعي. ونلاحظ ذلك مثلا بين ما جاء في التمهيد عل لسان كازانتزاكي
عندما صرح بنوع من التأكيد الصارم بخصوص شخصية فرانسيس الشخصية المحورية، يقول:
" القديس فرانسيس بالنسبة لي هو نموذج الإنسان المطيع، الإنسان الذي ينجح، من
خلال النضال الذي لا يعرف الكلل والقاسي الذي لا يمكن وصفه، في تحقيق واجبنا
السامي الأعلى من الأخلاقية أو الحقيقة أو الجمال، واجب تحويل المادة التي وثق
الله بنا وسلمنا إياها إلى روح" (ص، ص: 5-6).
إن تصريحه هذا يتضمن نوعا من التناقض الذي لا يفك التباسه
إلا من خلال المقاطع التي ينفجر فيها السرد ويتدفق بكل حرية بعيدا عن المراقبة.
الموقف اللامعقول واللامسؤول كذلك. وهو ما ينفي عن فرانسيس القدسية, ويحول
الاهتمام نحو شخصية (ليو) الشحاذ التي نراها أكثر موضوعية وإنسانية من الشخصية
المحورية. وهنا يظهر اللعب الأسلوبي أو اللعب الدلالي بين الحقيقة والمجاز، بين
الوجه والقناع، بين الشخصية الحقيقية والشخصية المتخفية، بين (فرانسيس) الذي يصارع
طبيعته عبر الآلام والتعذيب والتخلص من الطين/الجسد وبين (ليو) الذي يستسلم ويحافظ
على آدميته رغم خضوعه للرحلة التي فرضها القديس على نفسه وعلى تابعه.
III
- طريق الفضيلة الصعبة:
1 - مديح الفقر:
يمكن اعتبار رواية "القديس فرانسيس" مديحا للفقر
والفاقة. كما يمكن اعتبارها رسما للطريق الضيق الوعر للفضيلة. ولكي يصل الإنسان
إلى الفضيلة عليه أن يتنقل كالمتصوفة المسلمين عبر مقامات وأحوال. الأحوال رحيل في
الفكر والحياة. والمقامات محطات للتأمل والتفكر في الوجود الإنساني، وفي الوجود
الشخصي الذاتي وأيضا تعذيب للطين وتخليص للروح وانشداد نحو الآفاق البعيدة، نحو
المطلق حيث التوحد بالموجودات والاندماج الكلي في عناصرها، تماما كالتناسخ، حيث
تحل الروح في الأشكال وتتقمص الهيئات دون أن تسجن فيها. كما تحول فرانسيس بعد موته
إلى عصفور صغير، يقول (ليو): "في اللحظة المقدسة التي كنت فيها أحفر هذه
الكلمات الأخيرة، وأنا جاثم في صومعتي وقد غلبتني الدموع في ذكرى أبي الحبيب، حط
عصفور صغير على نافذتي وراح ينقر في خشب النافذة. كان ناقعا ويرتجف من البرد. نهضت
ودعوته أن يدخل. "وكان ذلك هو أنت يا أبتي فرانسيس، كنت أنت، وقد تخفيت في
عصفور صغير"، (ص 392).
2 - بين السيرة الذاتية والغيرية:
تعتبر رواية "فرانسيس" سيرة غيرية راويها (ليو)
الشحاذ والمروي عنه فرانسيس الصقلي الابن المدلل للسيد "بيتروبيرناردون"
والسيدة "بيكا" من أثرياء ووجهاء صقلية. لكن شخصية الشحاذ ارتأت أن يكون
لها حظ في هذه السيرة. لذلك يمكن اعتبار الرواية سيرة ذاتية لشخصية (ليو) وسيرة
غيرية لشخصية (فرانسيس). لأن المحكي الخاص بفرانسيس ممزوج بعرق الراوي المشارك
(ليو)، فهما معا صعدا نحو المطلق لكن كل بطريقته. ارتقى فرانسيس إلى أعلى مكانة
يمكن أن يصلها إنسان في القدسية حسب التفكير المسيحي، وحسب ما تورده الرواية؛ في
الصلب. بينما ارتقى (ليو) إلى الأعلى كتابع لفرانسيس يخدمه ويحترمه ويخلص له لكن
دون التجرد كليا من الطين ومن حب ملاذ الحياة المتاحة دون المساس بحريات الآخرين.
بهذا نجد (ليو) يختلف مع (فرانسيس) في عدد من المواقف المضمنة ومتخللة السرد المنقول
كخطاب مباشر أو كخطاب غير مباشر حر.
إذن هناك خطان متوازيان يسيران جنبا إلى جنب في تآخ تام.
يمثل (ليو) الشحاذ فيه صوت الإنسان المعتدل الذي يؤمن بحقيقة الإنسان على الأرض،
أي الحق في النهل من حوض الحياة. أما (فرانسيس الصقلي) فإنه يمثل خط صوت الإنسان
الأعلى الذي يتجاوز الدنيا ومهامه الحقيقية الأولى على الأرض. ورغم الاختلاف
الكامن بين الخطين وبين الشخصيتين فإنهما معا سيصلان إلى الهدف. وسيعترف كل واحد
بالآخر. وهو ما يدعونا إلى الاستنتاج التالي: إن الوصول إلى الإنسان الأعلى المنزه
والمبارك يتم عبر طريقين متآلفين متوازيين؛ طريق صعب وعر وطريق أقل وعورة.
3 - الطريق الوعرة:
إنه الطريق الذي مشاه فرانسيس الصقلي للوصول إلى حالة الصلب.
أي حالة الخلاص الروحي والنقاء من الشوائب والزوائد الطينية. لذلك فالمراحل التي
ستقطعها الذات في هذه الرحلة الصعبة، تقوم على الأسس التالية:
1.3-التخلص من ملاذ الحياة:
في هذه المرحلة يبدأ فرانسيس في تنفيذ الرؤيا والاستجابة
للهاتف الذي طلب منه أن يخلع نعليه في باحة والده، وأن يهبط عموما إلى الدرك
الأسفل. وهو ما فسره فرانسيس بالتخلي عن بيت والده وترميم كنيسة (سان داميانو).
يقول فرانسيس وهو يحكي رؤياه وحواره مع السان داميانو: "لقد حلمت، لقد رايته
في الحلم. في الليلة الماضية جاء إلي في منامي. كان رثا وعاري القدمين متكئا على
عكازات وهو يبكي. شعرت بالخوف وهرعت لمساعدته. قلت له وأنا أقبل يديه: "لا
تبك يا قديس الله. ما الذي حدث لك؟ أنت في الفردوس أليس كذلك؟ هل هذا يعني أن
البكاء موجود هناك أيضا؟" فأومأ برأسه: "نعم إن البكاء موجود حتى في
الفردوس". أجانبي: "ولكنه لأولئك الذين مازالوا يزحفون على الأرض. رأيتك
تتمدد بسلام على فراشك الوثير وشعرت بالأسف عليك. لماذا تنام يا فرانسيس؟ عار عليك!
الكنيسة في خطر".
"الكنيسة في خطر؟ ولكن ما عساي أن أفعل؟ ماذا تتوقع مني
أن أفعل؟"
"مد يدك واسندها بكتفك لا تدعها تسقط"!
"أنا؟ أنا بن بيرناردون؟"
"أنت فرانسيس الصقلي. إن العالم يتداعى إلى حطام،
المسيح في خطر. انهض، اسند العالم بظهرك كي لا يسقط. لقد هبطت الكنيسة إلى الحالة
التي فيها كنيستي الصغيرة: إنها تنهار. فأعد بناءها" (ص ص 50-51).
في هذا المجتزأ، الذي لم نستطع اختزاله نظرا لدلالته
ولأهميته في رسم بداية الرحلة الصعبة نحو الأعلى وتخليص الروح والإنسانية، يتبين
أن كازانتزاكي يدعو إلى إحياء الكنيسة أو ترميم بقاياها وتقويم انحرافاتها التي
بلغتها في بداية القرن الثالث عشر. يقول فرانسيس: "في يوم الأحد الرابع
والعشرين من أيلول عام (1206) بعد الميلاد لسيدنا المسيح ولد ابني فرانسيس من
جديد"، (ص 52). إنها الولادة الجديدة وبداية التخلص من الملاذ والتخلي عن
الغناء للقمر، والتسكع وارتياد الحانات وتمجيد العربدة. والتخلي عن الأمجاد
والبطولات. وهو ما سيسجله فرانسيس في اعترافه الأخير.
2.3-الصراع مع الجسد:
يعتبر هذا المحور الركيزة الأساسية في الرواية والمحور الأهم
في إبراز فلسفة فرانسيس القائمة على حب الفاقة ومديح خصالها ومزاياها، واعتبارها
الطريق الصحيحة للارتقاء. فهل هو موقف يعلنه كازانتزاكي من الكنيسة في عصره، وما
وصلته من ترف ورفاهة وسلطة وانحراف؟! هذا ما يبدو من خلال انتقاداته الساخرة
للقساوسة والكنائس المترفة خصوصا في رواية "المسيح يصلب من جديد" من
خلال شخصية "الأب جريجوريس".
إن كل فلسفة مثالية تميل إلى فكرة العداء للجسد. لأنه يمثل
المادة المقيدة للروح. وهي فلسفات ترى أن الروح نورانية فلذلك تسعى دائما إلى
السمو والارتقاء. بينما الجسد الطيني يشد الإنسان إلى الأرض حيث الآثام والرذيلة
والشيطان. وترى هذه الفلسفات إلى العنصرين المكونين للكينونة الإنسانية على أنهما
مختلفان ومتضادان ولهذا ينبغي الفصل بينهما. وتلك الفلسفات تقع في الانحراف
والخطإ، لأن الروح خارج الجسد لا قيمة لها في الحياة. وإن الجسد بدون روح لا جدوى
منه. لذلك يلقى في الحفر. من تم ففاعلية الإنسان وحياته تقومان على تلاؤم
المختلفين والمتناقضين؛ الروم والجسد. فشرط الحياة قائم على تفاعلهما وتعايشهما لا
انفصالهما. لذلك سينعت فعل فرانسيس بجسمه قتلا لا تخليصا.
تبدأ رحلة فرانسيس الصقلي باكتشافه الفرق بين الروح والجسد.
ويبني تصوره الفلسفي على العداء للجسد لأنه هو الذي ألقى به في براثن الملاذ والغناء
والعشق. وتلك معيقات وكوابح تمنع الروح من الخلاص والسمو والارتقاء نحو الفضيلة.
والتحول إلى رمز وأسطورة تتجلى في الأذهان والنفوس المحبة.
تعتبر مواجهة الجسد الجرح الغائر في تجربة فرانسيس خصوصا في
الفصل التاسع. عندما يكتشف فرانسيس القديس الصقلي أن كل التعذيب والقسوة التي
مارسها على جسده لم يخمد جمرته المشتعلة والمختبئة تحت الرماد. تنتظر أول ريح
تصادفها كي تشتعل وتحرق كل ثمار الروح وتطمس كل معالم الرحلة نحو الفضيلة والإنسان
الأعلى. فهل يمكن للإنسان أن يصير غير ذاته؟ هل يمكنه التخلص من الرغبات والنزعات
والميول المتحكمة في نفسيته؟ هل يمكن للإنسان أن يمنع روحه أن تهفو للجمال وأن
تحبه، وحتى وإن كان ممكنا التحكم في تصرفات الجسد وعقلها؟ إن فرانسيس القديس لم
يستطع أن يمنع نفسه عن الغناء وسماع أوتار العود، ولم يمنع نفسه من الرقص فرحا
وانتشاء. ولم يمنع نفسه من التأثر بحضور المرأة؛ بحضور الأخت (كلارا). فيتساءل
"كيف هي الأخت كلارا؟" -يقول ليو- وطلب مني الاقتراب منه لأنه غير قادر
على أن يرفع صوته "كيف هي؟ إنني أكاد أنساها، لقد مضى وقت طويل الآن. ولكن يا
إلهي، أنا متأكد أنني لم أنسها. أخبرني ماذا حصل لها؟" (ص، 246).
باندهاش خارق ومؤلم يكتشف فرانسيس أن آلامه والقسوة على
الجسد ورغباته لم يكونا بقادرين على جعله ينسى (كلارا). لذلك ينصب غضبه على الجسد
الطيني المليء بالشرور وبالشيطان وبالمعيقات؟ فيسميه مرة (العاهرة). يقول النص:
"كيف لك أن تشعر بالرحمة إزاء هذا الجسد، هذا العاهر"!، (ص 265). ويسميه
مرة أخرى بالحمار، يقول: "إنها [ الروح ] تحاول الذهاب إلى مكان آخر يا أخي
ليحملها. لذلك فإنها تغذيه وتسقيه حتى يصل إلى قدره المحتوم، ثم تترجل بسعادة،
تركل الحيوان وتتركه للأرض ليعود ثانية إلى التراب"، (ص 298). وكلما استفاقت
رغباته الباطنية مستثارة بصوت رخيم أو ببريق الضوء ولألأت قطرات المطر أو تمايل
غصن توجه بالخطاب إلى جسده مستسمحا إياه أن يتبعه في رحلة العذاب؛ يقول:
"سامحني، يا حماري الأمين، لن تنهي عذابك بعد. فلم نصل بعد، ولكننا نقترب
فاتبعني، ولا تفقد القلب"! (ص 318). ويرحل به في طريق وعرة شاقة إلى أن
يتلاشى وقتها فقط يصل فرانسيس إلى حالة الانشراح والانتشاء. وكأن الوصول إلى
الفضيلة لا يتأتى إلا عن طريق قهر الجسد ليس كرغبات وميولات فقط، ولكن لأنه مادة
من طين ووكر للشياطين. يقول فرانسيس القديس: "ثمة شيء واحد فقط أنا متأكد
منه، يا أخي ليو، هو أنني سعيد في غاية الانشراح! إنه النصر! إنه النصر! لقد فزنا
يا أخي! منذ يوم ميلادي كان ثمة شخص في داخلي يكره الرب، والآن كيف لي أن أتجنب،
والآن قد تلاشى".
"من هو يا أبتي".
"أجاب: "الجسد"، (ص 366-367).
إن الطريق الصعب هو طريق قهر الجسد. إنها فلسفة لا تؤمن إلا
بالتعذيب الجسماني، والدفع بالجسد إلى حد الذوبان. لكن موقف فرانسيس من الجسد
يختلف عن موقف (ليو) وموقف (المطران) والرهبان الجدد الذين قادهم (إليسا). وهو ما
نستنتجه من نشدان المطران لفرانسيس بأن يشفق على جسده وعلى نفسه بالدعوة التالية:
"تعال يا بني، تعال لتبقى في بيتي. إن جسد الإنسان هدية مقدسة من الرب، وأنت
تقتله بما تفعل، نعم إنك تقترف القتل يا بني، إنك تتخطى أمر الرب العظيم: لا
تقتل!"، (ص 368). وقتها اعترف بجريمته فاستسمح جسده المنهوك المتلاشي، يقول
النص: "سامحني يا أخي الحمار، سامحني يا جسدي العجوز المتداعي لأنني عذبتك
كثيرا"، (ص 387).
3.3-الخلوة؛ المعرفة الباطنية:
على غرار المعرفة الصوفية الإسلامية ينسج فرانسيس وعيه
بالأشياء، وبالعالم انطلاقا من القلب. لذلك كره فرانسيس القديس العقل والسؤال والكتاب
كما كره مضطرا المرأة والطهارة والعمل والجسد. ولكنه أحب القلب والليل والمشي
والصمت والحلم والفاقة والجوع والذل والتسول.
إن القلب كما يقول فرانسيس موطن الرب. أما العقل فموطن
الشيطان. وعداؤه للكتاب والسؤال والعقل بلغ الذروة حتى قال والزبد يعلو فمه في لجاج
مع الراهب الشاب (أنطونيو): "أية وقاحة! اللعنة على العقل"، (ص 235).
ويضيف: "في اليوم الذي بدأ فيه الحكماء بالكلام كان آخر يوم يبعث فيه
المسيح"، (ص 322).
إن عداء الجسد، وعداء العقل خطوتان أساسيتان لدى فرانسيس
لتحقيق السمو والارتقاء. ولكي يصل إلى مقام الصلب الذي يسلمه إلى مقام الموت ثم
الحلول عليه أن يلغي حتى الخارج الذي ليس إلا وحشا "مترامي الأطراف بآلاف
الرؤوس متخم، يضحك وينبح ويصهل، يغني مع آلاف الأفواه البشرية والكلبية والحصانية،
مع أفواه لا عد لها متشكلة مثل العيدان والقيثارات"، (ص 97). والتخلص من ضجيج
الخارج يعني الحل والخلاص لدى فرانسيس. وليس الخلاص إلا النظر في الداخل. وكأننا
أمام الفكر الحدسي الذي يعطي الموجودات وجودا مسبقا وقبليا. ويتجلى في نبوءات
فرانسيس ورؤياه المتحققة. لأن كل ما يفكر فيه أو يعبر خاطره يتحقق.
يرى فرانسيس في الاستسلام الكلي والتخلي عن المقاومة عتبة
تقود إلى الحب الأكبر. يقول فرانسيس: "ليس ثمة وسيلة أصعب في العقوبة يا أخي
ليو، من أن ترد الحقد بلطف"، (ص 68). إن الاستسلام تقنية ووسيلة وهدف. يرى
فرانسيس القديس أن الإنسان الذي ينشد الخلاص الروحي يجب عليه الاستسلام للعالم وأشيائه
وأفعاله. لأن تعبر الجسد والروح. لأن الإنسان الفاضل معبر لكل الحوادث خيرها
وشرها. والإنسان الفاضل اليقيني لا يقاوم بل يستسلم وينتظر كل حركة أو إشارة. لأن
في الخلوة وفي الاستسلام والانشطار الطويل المعذب تلتمع الإشارات الإلهية مقدمة
العبرة. تلك العبر ينبغي تأويلها، تأويل مجازاتها لا تفسير دلالاتها. وحتى التأويل
ينبغي أن يكون حدسيا، معرفة باطنية خاضعة للاستسلام.
4.3-إنه الطريق الصعب والوعر إلى الفضيلة والإنسان الأعلى
الذي اجتاز الاختبارات وتحرر من شوائب الدنيا ومتاع الحياة. إنه طريق الصوفية،
وطريق الرهبنة لدى المسيحية. القلب أصل المعرفة الحق واليقينية. والعقل معيق،
والجسد طين فاسد ومعيق. الكتاب شر وفساد بينما الطبيعة إشارات إلهية تحتاج الصفاء
الكلي والإخلاص التام للقلب وللروح حتى تنجلي واضحة لتقول العبرة ولتكشف المحجوب
عن عيون النسا البسطاء. والمرأة شيطان ينبغي الحذر منه. لذلك فالخلوة والترحال
ترياق مفيد في قتل هذه الحالة.
5.3-الطريق الأقل وعورة.
إنه طريق (ليو) الشحاذ، لقد ارتقى السلم وهو يشد أذيال
القديس فرانسيس. وصل إلى العتبة الأولى عبر الكسل والشحاذة. وعبر الإخلاص والوفاء
والتحمل ألم يقل سلفا في العربية "سيد الناس خادمهم؟" ذلك ما يعترف به
فرانسيس وهو على فراش الموت، يقول في الترنيمة:
"لك الحمد، يا إلهي، لحمل الله الصغير،
أسد الله الصغير، للأخ ليو
إنه مطيع وصبور، لقد تسلق الارتقاء نحوك يا إلهي
مرافقا لي.
ولكنه أكثر قيمة مني، إلهي، لأنه لم يكن بحاجة إلى أن يقاتل
طبيعته، ويدحرها!"، (ص 381).
إن هذا الاعتراف من فرانسيس يرجح الكفة لصالح (ليو) وبالتالي
لصالح الارتقاء الأقل وعورة الذي لا يخالف طبيعة الإنسان التي جبل عليها ومن
أجلها.
في هذه الرواية تتجلى تقنية التوازي. فالخط الذي اختاره
(فرانسيس) يسير جنبا إلى خط (ليو) الشحاذ ولا يتوقفان. لكن التركيز على شخصية
فرانسيس كان مجرد قناع تتخفى خلفه الفلسفة الحقيقية التي يريد كازانتزاكي توصيلها
للقراء. وهي فلسفة (ليو) الشحاذ والتي تقوم على الاعتدال والتفاني في الحب والوفاء
للطبيعة الإنسانية. فالإنسان لم يخلق لكي يكون قديسا عابدا زاهدا في الزواج
والحياة، بل وجد للعمل، لكي يكون إنسانا، كينونته من روح وجسد، وينبغي العمل على
الحفاظ عليهما معها. لهذا يوافق (ليو) على كلمات (كلارا) وهي تتحدث إلى فرانسيس
قبل ثوابها، وتشرح له معنى الإنسان الحقيقي. تقول: "ملعون كل من يتصرف على
العكس من مشيئة الرب، ملعون كل من يعظ بأننا يجب أن لا نتزوج، ولا يكون لنا أطفال
ونبني بيتا، ملعون من يعظ بأن الرجال يجب أن لا يكونوا حقيقيين، ويحبون الحرب
والنبيذ والنساء والمجد، وأن النساء يجب أن لا يكن حقيقيات ويعشقن الحب والملابس
الجميلة وكل متع الحياة… سامحني إن قلت لك هذا أيها المسكين فرانسيس، فهذا هو ما
يعني أن تكون إنسانا حقيقيا"، (ص 111).
إذا كانت الشخصية الروائية قناعا فإنه يصلح هنا أن نؤكد ذلك.
فكثيرة هي الآراء والمواقف التي ثمنها (ليو) عل لسان شخصيات روائية لم تحظ بذات
التركيز في وجهة نظر هذا العمل الإنساني.
إن الكتابة عن نيكوس كازانتزاكي ليست بالهينة لأن هناك ثراء
معرفيا وفكريا، ولأن هناك مواقف انتقادية صريحة ومبطنة، ولأن العالم الذي يكتب عنه
يختلف عنا، وهو أهم ما يجعل الصراع محتدما بين ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط. إنه
الصراع العقائدي. لكن تبقى كتابات نيكوس كازانتزاكي ميالة إلى النزعة الإنسانية
المحبة للإنسان.
إشارات:
1 - نيكوس كازانتزاكيس: القديس فرانسيس، ترجمة سهيل نجم، دار
الكنوز الأجبية، ط 1، بيروت لبنان 1996م.
2 - نيقوس كازانتزاكيس: المسيح يصلب من جديد. مكتبة مدبولي،
ترجمة شوقي جلال، القاهرة، ط 1، 1993م.
3 - نيقوس كازانتزاكي:تقرير إلى غريكو، ترجمة ممدوح عدوان،
دار الجندي للنشر.