البلاغة وحكمة اللغة
محمد
مشبال
تقديم:
لا شك أن استعمال اللغة يقترن بالبلاغة التي تفيد أن المتكلم
لا يقتصر في كلامه على مجرد الإفهام الجيد، بل يزيد على ذلك بأن يسبغ على كلامه من
مقومات البيان ما يجعل كلامه يؤدي أغراضا زائدة على الغرض الأساس المتمثل في
التوصيل. وقد أطلقت على هذه الأغراض تسميات عدة لا تكاد تخرج في جوهرها عن مدلول
البلاغة على الرغم من التباس هذا المصطلح واحتماله لدلالات متعارضة. فالبلاغة في
المحصلة النهائية قد تفيد الحجاج والاستدلال أو الوظيفة الشعرية والجمالية.
وقد عني الدرس البلاغي العربي الموروث بتحليل الوظيفة
البلاغية في تجلياتها الحجاجية والجمالية في أنواع خطابية حظيت باعتراف المجتمع الأدبي
في ذلك العصر، كالشعر والخطابة والترسل، بينما خرجت الأنواع السردية من دائرة هذا
الاهتمام. ولأجل ذلك اعتبرت البلاغة علما "يشتمل على صناعتي الشعر
والخطابة"(1).
والحق أن الدارس المعاصر للموروث البلاغي العربي لا يخالجه
شك في أن ما استقر لديه من مفهومات ومقولات يؤول إلى هذين النوعين من الخطاب
اللذين لا يجوز الفصل بينهما فصلا قاطعا في الموروث الثقافي العربي.
وإذا كانت هذه الحقيقة معروفة ومتأصلة عند القدماء
والمحدثين، فإن ما ينبغي التنبيه عليه في هذا المقال هو أن اللغة العربية، بما هي
أداة تعبير وتواصل الجماعة في شؤون كيانهم المادي والوجداني شكلت إطارا ساهم في
تأسيس البلاغة العربية وصياغة مبادئها التي ظلت متوارية في ظل تضييق المساحة
الشاسعة لمصادرها. ويعد تراث ابن جني أحد هذه المصادر التي شكلت دوحة البلاغة
العربية وشاركت في بناء أصولها.
لقد كانت جماليات اللغة العربية (أو ما يمكن تسميته باصطلاح
العقاد: اللغة الشاعرة) إطارا للتفكير البلاغي عند ابن جني على نحو ما شكل الشعر
والقرآن إطارا لهذا التفكير.
حكمة اللغة العربية:
قرر ابن جني في مواضع كثيرة(2) من كتابه الخصائص
بأن غرضه الأساس إظهار وجوه حكمة اللغة العربية وشرفها. وقد يبدو للوهلة الأولى أن
هذه الغاية الواضحة في هذا الكتاب الموجه للبحث في الأصول، أعني أصول نحو العربية،
لن تمتد إلى مصنفاته الأخرى، خاصة تلك التي عني فيها بشرح الأشعار وتوجيه
القراءات. والحق أن هذا الإحساس قد يصدق إذا ما نظرنا إلى هذه المصنفات معزولة عن
بعضها، أما إذا اعتبرناها تراثا واحدا متماسكا، فلا شك أنه سيكون للغاية السالفة
الذكر مكان ما في جميع هذا التراث.
يشعر قارئ ابن جني أنه شغوف باللغة العربية مقدر لحكمتها؛
هذا الإعجاب الشديد الذي أظهره في معظم أبواب كتابه الخصائص والذي لم يتخلف عن
ذكره في مؤلفاته الأخرى، ليس إلا ترجمة علمية لإعجاب أصحاب اللغة أنفسهم بلغتهم
"والمروي عنهم في شغفهم بلغتهم وتعظيمهم لها واعتقادهم أجمل الجميل فيها أكثر
من أن يورد"(3). وما أعنيه بالترجمة العلمية، أن ابن جني حاول
الخوض في تفسير أسرار هذا الشغف الكامن في إحساسهم بلطف صناعتهم في هذه اللغة
"وما فيها من الغموض والرقة والدقة"(4)؛ فكان تفسيره صياغة
لجملة من المبادئ والأصول التي تعبر عن "خصائص الحكمة" في هذه اللغة وما
نيط بها "من علائق الإتقان والصنعة"(5).
لم يكن إذن نظر ابن جني في اللغة العربية وبحثه عن خصائصها
مجردين عن وصفه لها بالحكمة؛ فقد اقترن تأويله لظواهر اللغة بالكشف عن إعجابه بها.
من هنا كان النزوع نحو إظهار وجوه الحكمة، الغاية التي وجهت ابن جني في معظم
الأبواب التي عقدها في كتابه الخصائص وكان خلف جملة من المبادئ التي تنبه لها في
اللغة العربية؛ من ذلك، على سبيل المثال، مبدأ الاشتقاق الأكبر، الذي يفسر دواعي
ذكره له قائلا: "فهذا أمر قدمناه.. ليرى منه غور هذه اللغة الشريفة، الكريمة
اللطيفة، ويعجب من وسيع مذاهبها، وبديع ما أمد به واضعها ومبتدئها"(6).
وهو في سعيه نحو إثبات هذه الحكمة، لم يعترضه إشكال أصل
المواضعة، أهي توقيف من الله أم اصطلاح بشري، ما دام مؤمنا بحكمة هذه اللغة التي
تجسد قدرة الله سبحانه وفضيلة البشر في الآن نفسه: ".. فإن كان وحيا أو ما
يجري مجراه فهو أنبه له، وأذهب في شرف الحال به، لأن الله سبحانه إنما هداهم لذلك
ووقفهم عليه؛ لأن في طباعهم قبولا له، وانطواء على صحة الوضع فيه؛ لأنهم مع ما
قدمناه من ذكر كونهم عليه في أول الكتاب من لطف الحس وصفائه، ونصاعة جوهر الفكر
ونقائه، لم يؤتوا هذه اللغة الشريفة، المنقادة الكريمة، إلا ونفوسهم قابلة لها،
محسة لقوة الصنعة، معترفة بقدر النعمة عليهم. بما وهب لهم منها.."(7).
كان ابن جني يدرك أن هذه اللغة التي يخوض في مسالكها، تنطوي
على خصائص الحكمة واللطف والصنعة بحيث "لا يكاد يعلم بعدها ولا يحاط
بقاصيها"(8)؛ فكثير من خصائص اللغة العربية "غور.. لا ينتصف
منه ولا يكاد يحاط به"(9)، ولأجل ذلك كانت محتاجة "إلى فقاهة
في النفس، ونصاعة من الفكر ومساءلة خاصية"(10).
إن الحكمة القائمة في هذه اللغة لا تتجلى إلا للمتأهل
الحاذق. هنا تبرز الحاجة إلى التأويل لإظهار وجوه هذه الحكمة، لكنه ليس ذلك
التأويل المتعجرف بل التأويل الذي يأخذ بأسباب الصنعة والملاطفة. والحاجة إلى
التأويل تستدعيها غاية إظهار النظام المحكم للعربية.
ولكن ما المقصود بالحكمة عند ابن جني؟
اللغة والصفة الإبداعية:
يترادف لفظ "الحكمة" مع ألفاظ أخرى تدل جميعها على
الإتقان والصنعة وإن ظل لفظ "الحكمة" يوحي بدلالات تتجاوز الأشياء
المادية الملموسة إلى ما تنطوي عليه من أسرار خفية وأغراض دقيقة ذات علقة بقدرة
الصانع. فاللغة الموصوفة بالحكمة نظام ذو صنعة دقيقة يرتبط بوجود صانع مبدع يقف
خلف هذا العالم الغامض الذي يواجهه المتأمل الحاذق. ذلك أن الكشف عن مظاهر الصنعة
والإبداع في اللغة ليس إلا وجها آخر لإثبات عظمة الله وحكمته في الموجودات. وربما
أفضت بنا مناقشة لفظ "الحكمة" على نحو ما تردد في كتابات ابن جني، إلى
نتائج تفيدنا في بناء تصوره لعلاقة الشعر باللغة؛ وهي القضية التي احتلت حيزا مهما
في محاور التفكير الأسلوبي المعاصر.
لقد نظر ابن جني إلى اللغة العربية باعتبارها إبداعا؛ فهي
تمتلك من الخصائص التعبيرية ما يجسد "صنعتها" و"دقتها"
و"غموضها". هذه النعوت التي تثبت أن ابن جني يسعى إلى إظهار الخصائص
الفنية للغة العربية. والحق أن الوعي بهذه الخصائص يعد وسيلة منهجية لإدراك طبيعة
لغة الشعر؛ فالشعراء يتعاملون مع أداة عامة لها إمكاناتها التعبيرية والجمالية،
ولعله أن يكون مفيدا الرجوع إلى هذه الإمكانات، على نحو ما تقصاها ابن جني، حتى
ندرك نوع العلاقة التي يقيمها الشاعر مع اللغة التي يرجع إليها، وهي العلاقة التي
استأثرت بالأسلوبية المعاصرة، التي اقترحت مجموعة من الصيغ النظرية الضابطة لمعيار
عام ومجرد في تحديد لغة الشعر.
وإذا كان البحث في تراث ابن جني عن قاعدة عامة ضابطة للشعر،
على نحو ما قام به بعض الدارسين المعاصرين(11) لن يحوز أي اهتمام في
هذه الدراسة، فذلك لأني أعتقد أن ابن جني لم يكن منصرفا إلى صياغة تعميمات من قبيل
تعميمات الأسلوبيين المحدثين الذين كانت لهم، بدون شك، أسئلة مختلفة عن تلك التي
طرحت على علمائنا الأسلاف. ولكن هذا لا يمنع أن يلتقي تفكير ابن جني بالتفكير
الأسلوبي المعاصر، غير أن ذلك لن يكون أكثر أهمية من اختلافه عنه.
إن المبادئ التي صاغها ابن جني باعتبارها مذاهب العرب في
الكلام، لا تنحصر أهميتها في إدراك نوع العلاقة بين لغة الشعر واللغة الطبيعية،
وإنما تتعدى ذلك إلى فهم ما يجري في اللغة العربية من مظاهر الإبداع الدالة على
حكمتها؛ فتأمل ابن جني للغة العربية، لم يعر من التنبيه على "قوة نظر"
أصحابها و"لطف استشفافهم وتصفحهم"(12). وذلك حتى فيما لا يتصل
بظواهر لغوية يسيرة لا تنبئ عن قدر من الحكمة يستوجب الذكر، مثال اختلاس الحركة أو
حذفها واختلاف جهات الكلام نصبا ورفعا، حيث يقول: "فهل هذا ونحوه إلا
لإنعامهم النظر في هذا القدر اليسير المحتقر من الأصوات فكيف بما فوقه من الحروف
التوام، بل الكلمة من جملة الكلام" ويضيف قائلا: "هل هذا إلا أدل شيء
على تأملهم مواقع الكلام، وإعطائهم إياه في كل موضع حقه وحصته من الإعراب عن ميزة
وعلى بصيرة. وأنه ليس استرسالا ولا ترجيما"(13).
إن مثل هذه الإقرارات تؤكد طبيعة نظر ابن جني للغة، وهو نظر
محكوم بتلك الغاية التي أشرنا إليها سابقا، أعني إثبات أن للعربية نظاما محكما يدل
على عبقرية أصحابها وعظمة واضعها. غير أن هذه الغاية ستقود ابن جني إلى الكشف عن
جوانب إبداع حقيقية في هذه اللغة، بحيث يجوز لنا أن نرى في تعليلاته وتأويلاته
للغة، خطوة نحو استجلاء خصائصها في التعبير الجمالي؛ أي إن مفهوم اللغة الطبيعية
لا يعني وجود لغة عارية من المقومات الجمالية. فقد يتأتى شيء من ذلك على سبيل
التجريد. إن اللغة الطبيعية التي اضطلع ابن جني باستقصاء خصائصها لا يصح أن توضع
في تعارض مع الشعر؛ فهي تملك من الإمكانات الجمالية ما يكفل لها أن تكون ذات صفات
إبداعية. ولكن ينبغي أن نبقى على ذكر من أن الشعر هو شكل من أشكال الإبداع في هذه
اللغة، وبذلك فهو يستمد منها ويمدها في الآن معا. وبناء على هذه الفكرة، سنعتبر
كثيرا من الخصائص الفنية التي وقف عليها ابن جني في اللغة العربية تجري على الشعر.
وقد يكون هذا أمرا طبيعيا بالنسبة إلى علمائنا القدامى الذين تعاملوا مع اللغة في
استخدامها الأدبي الرفيع(14). غير أن الشعر يظل محتفظا بخصوصيته التي
كان ابن جني واعيا بها.
ليست اللغة الطبيعية إذن في الجهة المقابلة للشعر، وليست
تجريدا في درجة الصفر من الإبداع؛ يقول ابن جني: "وكلام العرب كثير
الانحرافات ولطيف المقاصد والجهات، وأعذب ما فيه تلفته وتثنيه"(15).
وقد يكون لقول سيبويه "وليس شيء مما يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به
وجها" تأثير ما في المنحى العام الذي سينهجه ابن جني في تأويل اللغة. فمما
يومئ إليه هذا القول، أن للغة العربية نظاما ينبغي التنبه إليه ورد كل ما هو خارج
عنه إليه بما يسميه ابن جني "ملاطفة الصنعة" حيث يقول في هذا الباب
"وذلك أن ترى العرب قد غيرت شيئا من كلامها من صورة إلى صورة، فيجب حينئذ أن
تتأتى لذلك وتلاطفه، لا أن تخبطه وتتعسفه"(16). إنه يرى ما يظهر
في اللغة من تغييرات يقتضي التعليل والتأويل بضرب من الحذف حتى ينسجم مع النظام
اللغوي؛ ذلك هو المنحى الذي طبع تأويلاته للاستعمالات اللغوية النادرة أو التي تشد
عن القواعد الأصلية.
ولعل الحرص الشديد على التأويل، يرتد إلى اعتقاد ابن جني
وغيره من علماء اللغة القدامى في حكمة اللغة العربية وعبقريتها، وأن ما يطرأ عليها
من تغييرات تشذ بها عن النظام اللغوي له وجه يمكن التأتي له وتعليله ورده إلى
الأصل. على هذا النحو، أصبح التعليل وسيلة لإظهار حكمة اللغة وخصائصها الجمالية
التي تتجلى فيما اصطلح عليه ابن جني بـ"الانحرافات" و"لطف المقاصد"
و"التلفت" و"التثني"، وهي ألفاظ تكشف عن وعيه بجمالية اللغة
التي يستعملها المتكلم العربي لأداء أغراض تضاف إلى حاجته الأولية في التواصل. ولا
بأس أن نورد هنا المثال اللغوي الذي كان وراء وصفه للغة العربية بتلك الألفاظ
الدالة على هذا الوعي.
يقول عن قراءة العامة: "فلا ينازعنك في الأمر":
"أي فأثبت على يقينك في صحة دينك ولا تلتفت إلى فساد أقوالهم، حتى إذا رأوك
كذلك أمسكوا عنك ولم ينازعوك، فلفظ النهي لهم ومعناه له، صلى الله عليه وسلم. مثله
قولهم: لا أرينك ها هنا، ألا ترى أن معناه: لا تكن هنا فأراك؟ فالنهي في اللفظ
لنفسه، ومحصول معناه للمخاطب.."(17). ووجوه جمالية العربية كثيرة،
غير أننا نروم هنا إثبات أنه كان لتعليلات ابن جني وتأويلاته للغة أثر في الكشف عن
إمكاناتها الأسلوبية، وإن كان لا يحصر الحكمة في المقومات الجمالية، بل إنه يعمل
على تقصيها في ظواهر لغوية لا صلة لها بالتعبير الجمالي كما نفهمه اليوم، مثل
"قياس الشبه" الذي يقابل "قياس العلة"، وهو نوع من حمل الفرع
على الأصل لضرب من الشبه غير العلة التي علق عليها الحكم في الأصل، بل هو نوع من
الشبه اللفظي(18). إن ابن جني يرى في هذا النوع من القياس ضربا من
التصرف اللغوي الدال على الحكمة وهو يرجع ذلك إلى "كثرة هذه اللغة وسعتها،
وغلبة حاجة أهلها إلى التصرف فيها، والتركح في أثنائها، لما يلابسونه ويكثرون
استعماله من الكلام المنثور، والشعر الموزون، والخطب والسجوع"(19).
استخدم ابن جني مجموعة من الوسائل التأويلية لإدراك أصول
اللغة العربية والاستدلال على حكمتها مسترشدا بقول سيبويه الآنف الذكر. وقد احتل
حديثه عن التعليل وأنواع العلل حيزا عريضا من كتابه الخصائص(20)، حتى
إنه ليجوز القول إنه كتب فصلا طويلا يطرح فيه إشكال التأويل النحوي وطرقه، وهو ما
يثبت أن تعامل النحاة القدامى مع اللغة كان خاضعا لمجموعة من القواعد المتماسكة.
يرى ابن جني أن التعليل النحوي صياغة جديدة لما كان يتردد
على ألسنة أصحاب اللغة أنفسهم كما تشهد بذلك الروايات(21)، بل إن تعليل
النحاة ليس إلا بيانا لما قام في نفوس المتكلمين وعقولهم كما قال الخليل بن أحمد(22).
هكذا يصير الكشف عن العلة نوعا من بيان حكمة العرب. والمهم هنا هو أن التعليل كان
يفسح المجال لاحتواء النظام اللغوي لاستعمالات لغوية نادرة، خاصة تلك التي ارتبطت
بالقراءات القرآنية والشعر والأمثال والأقوال المأثورة. وهذا أجدى من القول إن
تعليلات النحاة كانت تسويغا لأخطاء أصحاب اللغة. ولعله أن يكون جديرا بالملاحظة
الإشارة إلى أن ابن جني لم يكن يخطئ مستعملي اللغة أو يصف كلامهم باللحن مهما
اجترؤوا على تراكيب اللغة، وهذا راجع أساسا إلى أن تفكيره لا يمكن فصله عن السياق
المعرفي للثقافة العربية الإسلامية.
وإذا كان بعض الباحثين المعاصرين قد ارتاب في تأويلات
النحاة، فإن بعضهم الآخر اعتبر، من منظور تاريخي، التأويل النحوي أداة هامة من
أدوات بناء العلم ذاته، بل إنه اعتبره متجاوبا مع التصور المعرفي الإسلامي الذي
يرى أن كل معلول لا بد له من علة. من هنا وجب التعليل سعيا لاكتشاف الحكمة
والغاية، وأصبح من بديهيات الثقافة العربية الإسلامية، أن العالم (واللغة جزء منه)
مخلوق محدث لعلة وغاية يتحتم على الإنسان اكتشافها لفهم وظيفته ودوره فيه(23).
على هذا النحو يتجاوب البحث عن الحكمة في اللغة عند ابن جني مع بحث كل فرد مسلم عن
الحكمة في موجودات العالم الدالة على وجود الله وعظمته. وهو ما سنلاحظ امتداده في
التفكير البلاغي الذي تناول القرآن الكريم، حيث كان لمنزلة هذا النص الديني المعجز
من نفوس المسلمين أثر في طبيعة تحليلهم، إذ لم يكتفوا بالوصف على نحو ما صنعوا
بإزاء الشعر، بل غاصوا في دقائق اللغة وكشفوا عن معانيها البلاغية، ولذلك رأى بعض
الباحثين أن هناك بلاغتين في تراثنا(24)؛ كان المفسر يقبل على النص
القرآني مؤمنا بكماله، بينما كان الناقد يقبل على النص الشعري بكبرياء.
إن الإيمان بإعجاز القرآن الكريم والاعتقاد في حكمة اللغة لا
يجوز لهما إلا أن يمنحا نوعا من النظر القائم على التأويل والاستدلال وتوخي
الأسرار؛ ترى ذلك واضحا في كتابي دلائل الإعجاز لعبد القاهر والكشاف للزمخشري، وإن
كان الأول قد احتوى من الشواهد الشعرية ما كاد يغطي على عدد آي القرآن الكريم. ومع
ذلك فإن الغاية التي رسمها عبد القاهر لكتابه، والمتمثلة في البحث عن معيار
الإعجاز هي التي سوغت له تقديم ذلك الضرب من التحليل الذي لا يكتفي بالوصف العام
بل يذهب بعيدا في بالاستدلال(25). وليس البحث عن دلائل الإعجاز إلا
وجها آخر للبحث عن دلائل الحكمة في اللغة العربية عند ابن جني، حيث تقوم المبادئ
المستخلصة من طول تأمله الدقيق لهذه اللغة دليلا على عبقريتها.
وبموازاة هذا الإعجاب الشديد باللغة العربية، أعجب ابن جني
بشعر المتنبي ليثمر هذا الإعجاب شرحا لا يشذ عن منهجه في تأويل اللغة العربية
والكشف عن أسرارها، بل إنه ليعد تطبيقا لما أجمله في كتابه الخصائص من مبادئ. إن
ابن جني الذي لم ير للمتنبي نظيرا "في معناه ولا مجريا إلى مداه"(26)
سينبري إلى الكشف عن وجه الإبداع في شعره. ومرة أخرى ستسعفه أداة التأويل في إظهار
"محاسنه" و"بدائعه" بل وإثبات أن خروجه عن العربية ليس إلا في
الظاهر، وكأنه يريد أن يقول لأولئك الذين يتعاملون مع الاستعمال اللغوي بمقتضى
القواعد النحوية الضيقة إن للعربية مسالك ومذاهب تتسع للشعراء في اجترائهم
وشجاعتهم؛ فحسبنا أن نمتلك دراية بهذه اللغة. وابن جني يومئ هنا إلى خصائص العربية
وإمكاناتها التعبيرية والجمالية وما تسمح به للمتكلم من أساليب.
إن استقصاء دلائل الحكمة في اللغة العربية الذي تنزل المنزلة
الأولى في كتاب الخصائص الذي عقده ابن جني، كما يقول هو نفسه، "للتنبيه على
شرف هذه اللغة"(27)، سيظل مبدأ مرعيا في جميع كتاباته. ولأجل هذا
جاز لنا القول إنه كان يصدر عن هذه الغاية البعيدة في تأويله للغة سواء في
استخدامها الطبيعي أو عندما تبدع في أحوال خاصة لأغراض جمالية وبلاغية. ولقد أفضى
به ذلك إلى استصفاء مجموعة من السمات الفنية المرتبطة باللغة العربية باعتبارها
لغة جماعية، وهذا لا يعني أن جنس الشعر لم يساهم في صياغة أصول البلاغة في تراث
ابن جني، ولكن الذي نعنيه في هذا المقام، أن النظر في مقومات الشعر كان جزءا من
التفكير العام في خصائص التعبير الجمالي في اللغة العربية. فللغة العربية خصائصها
التي تتجاوز أي نموذج عقلي مجرد أو نظام من القواعد الثابتة. والمقصود هنا، الوقوف
على الإمكانات التعبيرية للغة، أي الوسائل التي يملكها الجهاز اللغوي نفسه لأداء
معان تتجاوز الأغراض الأولية للكلام(28).
الاستعمال والتقدير:
عقد ابن جني في كتابه الخصائص بابا في الفرق بين تقدير
الإعراب وتفسير المعنى، بين فيه أن التقدير النحوي للعبارة المستعملة يختلف عن
تفسير معناها، وكأنه يضع الفرق بين نوعين من التفسير: التفسير الدلالي والتفسير
النحوي. وإذا كانت غاية الأول متمثلة في رد العبارة إلى وجهها المنطقي المقبول،
فإن غاية الثاني تتمثل في ردها إلى النظام اللغوي. وهذا يعني أن مسألتي التفسير
والتقدير تتصلان بالعبارات التي تخالف الأصل النحوي قليلا أو كثيرا. وربما كان
مصطلح "التمثيل" الوارد عند سيبويه مسعفا لنا في تبين الإشكال الذي
يطرحه ابن جني؛ ففي دراسة معاصرة لمفهوم "التمثيل" في كتاب سيبويه، لاحظ
"شكري عياد" أنه أنواع ثلاثة:
1 ـ عبارة تشبه العبارة المستعملة من حيث القياس، ولكنها لا
تستعمل.
2 ـ عبارة تستقيم مع القياس، بخلاف العبارة المستعملة ويمكن
استعمال العبارة القياسية وإن لم تستعمل في هذه الحالة بالذات.
3 ـ عبارة أقيس من العبارة المستعملة، وهي مع ذلك لا تسعمل(29).
إن "التمثيل" قاعدة إجرائية ومنهجية عند النحاة،
وهو يوضع مقابلا للكلام المستعمل ليدل على ما يصنعه النحوي بالتراكيب المخالفة
للأصل النحوي، ذلك أن سيبويه -فيما يقول الباحث- لم يستخدم هذا الإجراء إلا في هذا
النوع من التراكيب. و"الذي يمكننا استخلاصه هو أن "الممثل به"
ترجمة نحوية (أي ملتزمة حدود النحو) لتعبير مستعمل (خارج قليلا أو كثيرا عن هذه
الحدود) والتمثيل هو الإجراء الذي يقوم به النحوي في هذه الترجمة. هذا هو المفهوم
الثابت للتمثيل والممثل به"(30).
إن الخلاصة المنهجية التي انتهى إليها الباحث من قراءته
الأسلوبية لكتاب سيبويه هي التي تعنينا في المقام الأول، ذلك أن ثنائية
"العبارة المستعملة" و"التمثيل" تسمح باعتبار "الفعل
اللغوي في حد ذاته نشاطا مبدعا عند الإنسان العربي، فهو يتجاوز الأداء المجرد الذي
يعبر عنه النحوي بالتمثيل"(31). ولا شك أن هذه النتيجة ذات أهمية
بالغة في الكشف عن أحد مبادئ التفكير الأسلوبي والبلاغي في تراثنا النحوي؛ وكأن
تقديرات النحاة وسيلة لاستجلاء ما تحمله اللغة من سمات الإبداع. وهذا هو نفسه ما
نتوصل إليه في تأملنا فيما أجراه ابن جني من تقديرات نحوية أو تفسيرات دلالية لبعض
العبارات المستعملة التي تتسم بنوع من المخالفة للأصل النحوي؛ من هذه العبارات:
أ ـ أهلك والليل.
ب ـ كل رجل وصنعته.
ج ـ ضربت زيدا سوطا.
د ـ أنت وشأنك.
ولتوضيح ما أقره ابن جني بصدد هذه العبارت، نرسم هذا الجدول
المستخلص من الباب الذي عقده لها:
العبارة المستعملة |
تفسير المعنى |
التقدير النحوي |
أهلك والليل أنت وشأنك كل رجل وصنعته ضربت زيدا سوطا |
ألحق أهلك قبل الليل أنت مع شأنك كل رجل مع صنعته ضربت زيدا ضربة بسوط |
ألحق أهلك وسابق الليل أنت وشأنك مصطحبان كل رجل وصنعته مقرونان ضربت زيدا ضربة سوط |
يكشف التقدير النحوي أن الاستعمال اللغوي نشاط إبداعي، الأمر
الذي قد يفضي إلى القول إن "الإبداع كامن في طبيعة اللغة العربية نفسها"(32).
ومثل هذه النتيجة تزكي التصور الذي نصدر عنه وهو أن اللغة في ذاتها إبداع جمالي أي
إنها تنطوي على أسرار الصنعة وخصائص الحكمة، وبذلك فالشاعر لا يواجه مادة ساذجة
عارية من مقومات الإتقان.
إن تقابل الاستعمال اللغوي والتقدير النحوي في موروثنا من
التفكير اللغوي، لا يقدم لنا مبدأ من مبادئ التفكير البلاغي القديم فقط، ولكنه
يساعدنا في بناء تصور أسلوبي للشعر يراعي الإطار المعرفي الذي صدر عنه أسلافنا،
ذلك أن اعتبار اللغة إبداعا جماليا في ذاتها، من شأنه -كما أقررنا في فقرات سابقة-
أن يدفعنا لإعادة النظر في العلاقة بين الشعر واللغة.
إن إمعان ابن جني في تأويل اللغة والتعليل لظواهرها النادرة
والشاذة لأجل إثبات ما تنطوي عليه من حكمة، سيشرف به على آفاق البلاغة، حيث قدم
لنا تأويلات تنبئ عن تنبهه لما تحمله هذه اللغة من سمات أسلوبية وطيدة الصلة بعلوم
البلاغة باعتبارها وسيلة لبحث خصائص اللغة الأدبية.
إن الأهمية التي يحظى بها عمل ابن جني، يتمثل فيما استخرجه
من سمات أسلوبية من ظواهر لغوية كانت تبدو عارية من أي صفة فنية، وابن جني بذلك
إنما كان يطوع المادة اللغوية لتدخل حقلي البلاغة والأسلوب.
لم يكن إذن القول بحكمة اللغة سوى اعتراف بما تختزنه (هذه
اللغة) من طاقة إبداعية تجلت في مجموعة من الخصائص الفنية والأساليب البلاغية التي
اضطلع الشعراء باستخدامها. ولعل مفهوم "شجاعة العربية" الذي خصص له ابن
جني حيزا كبيرا في كتابه الخصائص أن يمثل الأصل الجمالي الذي يكشف عن الصفة
الإبداعية الكامنة في اللغة العربية، ذلك أنها تفسح للشاعر إمكانات لغوية غنية لخلق
تعبيرات فنية تتجاوز القواعد القياسية، وفي هذا تتجلى مرونتها وشجاعتها، وإن شئت
قلنا: لقد أثبتت العربية، بما تملكه من طاقة كامنة لإبداع علاقات لغوية تتقيد
بنظام القواعد الأصلية، أنها نسق لغوي ينطوي على إمكانات جمالية. وإذ يواجه الشاعر
هذا النسق، فإنه يعمد إلى الانتفاع به واستغلال إمكاناته الغنية إلى أبعد الحدود،
وبالشكل الذي يضمن له الخصوصية والتفرد. فهل يعني هذا أن إبداع الشاعر يتوقف على
الوعي بأسرار اللغة وإدراك إمكاناتها؟ وهل تمتلك هذه اللغة بحكمتها وعبقريتها
سلطانا على الشاعر فلا يملك إلا الخضوع لها؟
لقد قام نظر ابن جني على اعتبار اللغة نسقا إبداعيا لا يملك
الشاعر إزاءه سوى الكشف عنه واستخراجه. وفي ذلك تكمن شجاعته، التي هي في الأصل،
شجاعة هذه اللغة التي ينبغي الفقه بأسرارها.
إن ما صاغه ابن جني من مفهومات نحوية(33) يظهر ما
يختزنه نحو العربية من طاقة أسلوبية وبلاغية، وهو بذلك قد وضع اليد على أمرين:
ـ أولهما، أنه قد تنبه إلى جملة من صور الاستخدام اللغوي
والنحوي التي لم يحفل علماء البلاغة، على الرغم مما تحتوي عليه من طاقة بلاغية
وأسلوبية تجعلها وثيقة الصلة بطبيعة الحقل البلاغي(34).
ـ الأمر الثاني يتمثل في أن وعيه بالأسرار البلاغية
للاستعمالات اللغوية النحوية، أشرف به على اعتبار اللغة نسقا تعبيريا جماليا في
ذاته.
***
إن البلاغة التي نتحدث عنها نمط من التفكير نما في أحضان
النحو في صورته الأولى، عندما كان موصولا بالبحث في خصائص العربية. هكذا كان لنظر
ابن جني في جملة من المقومات الصوتية والصرفية والتركيبية، أن أفضى به إلى الكشف
عما تحمله من إمكانات أسلوبية تمثل خصائص هذه اللغة في التعبير البلاغي والجمالي.
هذا لا يعني أن الشعر باعتباره جنسا أدبيا مخصوصا لم يساهم في صياغة مقولات
البلاغة ومفهوماتها، ولكن المقصود في هذا المقام أن النظر في مقومات الشعر كان
جزءا من التفكير العام في الخصائص الجمالية للعربية، ولم يستقل بنفسه حتى يمنحنا
بلاغة شعرية بالمفهوم الدقيق الذي تفترضه نظرية الأدب الحديثة.
خلاصات:
1 - إن الإيمان بحكمة اللغة العربية قاد ابن جني إلى البحث
في خصائص العربية، ولم يكن خوضه في هذا السبيل سوى تأمل في الجوانب الجمالية للغة؛
أي اللغة عندما تتجاوز وظيفتها التواصلية النفعية لتصبح أداة الخلق الجمالي.
2 - يعتبر الإقرار بجماليات اللغة سبيلا نحو تأصيل مباحث
أسلوبية ظلت خارج دائرة البحث البلاغي المرتبط باللغة الأدبية أو بالخطاب البليغ.
لقد بدت هذه المباحث جزءا من التفكير اللغوي العام الذي لا صلة له بحقل البلاغة،
وقد عمد ابن جني إلى إخراجها إلى آفاق الأسلوب الرحبة.
3 - إن النظر إلى اللغة باعتبارها نظاما ينطوي على خصائص
جمالية، يعني أن الشاعر في تصويره لا يواجه مادة غفلا ولا يتعامل مع نظام من
القواعد القياسية. إن اللغة التي يؤول إليها في نظمه وبنائه، تحفل بذخيرة غنية من
الإمكانات التعبيرية والسمات الأسلوبية، وكأن وظيفة الشاعر تتمثل في استخراج
الدفائن المكنوزة وإظهار الإبداع الكامن. فحسبه ذلك خدمة لهذه اللغة
"الشريفة"!
4 - يبدو أن ابن جني كان ينظر إلى قدرة الشاعر على الصياغة
والبناء في نطاق قدرة اللغة وقوتها الإبداعية، ذلك أن إعجابه الشديد بحكمة العربية
ومظاهر صنعتها المتقنة، كان يدفعه لاعتبار إبداع الشاعر مستمدا من اللغة نفسها؛
فقد تهيأت لها كل أسباب الإبداع التي ينبغي للشاعر الانتفاع بها. غير أن الإقرار
بشجاعة اللغة واتساع نسقها لاستيعاب الصيغ الجمالية لم يكن ليسلب الشاعر اقتداره
وحريته؛ فقد اعتد ابن جني بدور المتكلم في "إصلاح" اللغة والتصرف فيها.
فهل يعني هذا أن الاعتراف بدور الشاعر في الإبداع اللغوي لم يكن ليتم إلا في نطاق
التسليم بالإبداع الجمالي الكامن في اللغة؟ هل نحن إذن بإزاء مستويين من الإبداع
اللغوي: إبداع اللغة الجماعية وإبداع لغة الشاعر؟! ●
الهوامش:
1
- حازم القرطاجني، منهاج البلغاء، ص19.
2
- الخصائص، ج1، ص:1 و2 و32 و68 و78. اعتمدت في الجزء الأول من كتاب الخصائص،
الطبعة الثالثة 1986.
3
- نفسه، ص243
4
- نفسه.
5
- نفسه، ص1.
6
- نفسه، ص18.
7
- نفسه، ص239-240.
8
- نفسه، ج2، ص166.
9
- نفسه، ص145.
10
- نفسه، ج3، ص319.
11
- انظر: عبد الحكيم راضي، نظرية اللغة في النقد العربي، مكتبة الخانجي، مصر 1980.
12
- الخصائص، ح1، ص79.
13
- نفسه، ص76-77.
14
- يلاحظ أن النحويين استمدوا قواعدهم من اللغة الأدبية الممثلة في لغة الشعر بشكل
خاص.
15
-المحتسب، ج2، ص86.
16
- الخصائص، ج2، ص470.
17
- المحتسب، ج2، ص86.
18
- الخصائص، ج1، ص213-215، وانظر هامش رقم 2، ص213.
19
- الخصائص، ج1، ص216.
20
- نفسه، انظر الصفحات: من 145 إلى 215 ومن 238 إلى 251.
21
- نفسه، ص251.
22
- أورد تمام حسان نص الخليل في كتابه الأصول، ص177.
23
- نصر أبو زيد، التأويل في كتاب سيبويه، ضمن مؤلفه: إشكاليات القراءة وآليات
التأويل، ص188.
24
- مصطفى ناصف، بين بلاغتين، ضمن أعمال ندوة "قراءة جديدة لثراتنا
النقدي"، كتاب النادي الأدبي الثقافي، جدة 1990.
25
- دافع عبد القاهر الجرجاني عن هذه الفكرة في دلائل الإعجاز، انظر على سبيل
المثال، ص37.
26
- الفسر، ج1، ص20
27
- الخصائص، ج1، ص78.
28
- شكري عياد، اللغة والإبداع، ص5-6.
29
- نفسه، ص106.
30
- شكري عياد، قراءة أسلوبية في كتاب سيبويه، ضمن أعمال ندوة "قراءة جديدة
لثراتنا النقدي"، ص808.
31
- نفسه، ص812.
32
- نفسه.
33
- من هذه المفهومات اللغوية والنحوية التي استشرف بها ابن جني آفاق الدرس البلاغي:
شجاعة العربية، الأصل والفرع، الاستحسان، إصلاح اللفظ، تدريج اللغة.
34
- نشير على سبيل المثال إلى: إمساس الألفاظ أشباه المعاني، قوة اللفظ لقوة المعنى،
تقارب الألفاظ لتقارب المعاني، العدول في إجراء المصدر، أسلوب الحكاية، وصف حال
المتكلم…
المراجع:
1
- تراث ابن جني:
ـ
الخصائص، تحقيق محمد علي النجار، الطبعة الثالثة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،
1986.
ـ
المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها، تحقيق علي النجدي ناصف وعبد
الفتاح إسماعيل شلبي وعبد الحليم النجار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية،
القاهرة، 1986.
ـ
الفسر: ديوان أبي الطيب المتنبي، تحقيق صفاء خلوصي، الجزء الأول، المؤسسة العامة
للصحافة والطباعة، مطبعة دار الجمهورية، بغداد، 1969.