إرهاصات
التنوير وعوائق التقليد
في
الفكر النهضوي المغربي
إبراهيم
أعراب
مقـدمـة :
مع نهاية القرن التاسع عشر ومطلع
القرن العشرين بدأت في المغرب بوادر نهضة جديدة أو على حد تعبير د.الجابري
"بدأ فجر آخر للنهضة في المغرب"(1) وقد عرف جانب من الفكر
المغربي الإصلاحي إبان هذه النهضة بعض "بوارق"
اللبرالية(2) وبعض التأثيرات الأنوارية التي
تسربت إليه من المشرق بواسطة الصحف والكتب التي كانت تنقل أصداء الحركة الإصلاحية النهضوية في مصر خاصة تلك التي قادها الأفغاني و تلميذه محمد
عبده وكانت هناك مراسلات بين هذا الأخير وبعض علماء المغرب. كما أن مجلة المنار،
لسان حال الإصلاح المشرقي، كان لها قراؤها في الأوساط الثقافية المغربية، وكانت
هذه الأصداء المشرقية المغربية أكثر حضورا لدى النخب المدينية
في فاس والمدن الساحلية كمدينة طنجة
أولا ثم سلا والرباط. وقد لعبت طنجة دور الريادة، لأنها كانت مقرا للبعثات الأجنبية الدبلوماسية
والتجارية وأيضا لعدة جاليات عربية مهاجرة، ولذا كانت مصدرا لنشاط مطبعي وصحفي،
ومنها انطلقت المبادرات الإصلاحيات الدستورية و التنويرية الأولى التي كانت تقترح
تحديث وإصلاح المجتمع وأجهزة النظام المخزني العتيقة(3).
لتنتقل بعدها إلى مدن أخرى محدثة بوارق لبرالية وإرهاصات
للتنوير "وسط ظلام الحقل المعرفي والإيديولوجي السائد"(4) آنذاك.
وقد تشرب هذه الأفكار جيل من المفكرين والفقهاء المغاربة ممن أدركوا ضرورة التجديد
وانتحال وسائل التقدم والنهوض. وكان لحدث فرض الحماية على المغرب في 30 مارس 1912
وقعه على وعي هذا الجيل بما يحمله الحدث من دلالة على نهاية المغرب المستقل بعد
إخفاق كل المحاولات التي بذلت لإصلاحه و إنقاذه مما أكد مجددا لهذا الجيل مدى ضعف
المغرب وتأخره مقارنة مع الآخر، وبالتالي ضرورة استئناف مشروع الإصلاح والتحديث
والتنوير الذي أخفق. ولم تتجه هذه النخبة لاستئناف هذا المشروع إلى السياسة وإنما
إلى التربية والثقافة على أساس القبول بالحماية كضرورة وكأمر واقع والتعايش معها
بل و التعويل عليها للنهوض واستئناف الإصلاح الذي أخفق سابقا شريطة أن تضمن الدولة
الحامية الأمن والعدل واحترام الإسلام وشعائره. لذا فإن اهتمامات هذه الفئة من
النخبة المغربية لفترة بداية الحماية لن تتجه للدعوة للجهاد أو مقاومة الأجنبي
المستعمر وإنما إلى الانكباب على القضايا والمشكلات التي أفرزها التحديث الكولونيالي والتحولات التي عرفها المجتمع المغربي بفعل هذا
التحديث لمراقبة ورصد التحولات والتنظيمات والتقنيات الحديثة والتساؤل عن مدى
مطابقتها للشرع من منظور الفقيه المجتهد، معتبرا إياها
بمثابة نوازل "المطلوب منه أن يعطي فيها جوابا وفتوى. وهذا ما سيجعل هذا
الفكر يتحرك ضمن إشكالية الاجتهاد والتحديث"(5). وقد نتج عن هذا
ظهور نمط من التأليف يهتم بالمستجدات والتقنيات الحديثة وبعض الظواهر الاجتماعية
التي عرفها المجتمع المغربي بفعل التثاقف الحضاري مع
أوروبا، حيث خاض بعض الفقهاء من هذا الجيل في هذه الأمور الوقتية بحسب التعبير
المتداول آنذاك للفصل فيما إذا كانت مساوئ أي بدعا منافية للشرع
أم العكس. ويتعلق الأمر هنا بالموقف من التلفون والتلغراف، هل يعتد بالخبر الشرعي
المنقول بواسطتهما، كرؤية شهر رمضان، وأيضا ما يخص المعاملات التجارية والبنكية
والمالية، وهل يجوز شرعا مثلا، التعامل بالأوراق المالية وبالشيك وهل يجوز التأمين
شرعا… وكذا تعليم البنات وسفور المرأة و اختلاطها بالرجال، وقراءة القرآن في
المذياع والتصوير الفتوغرافي…الخ. وقد جمع ذ.المنوني عدة رسائل ونصوص وفتاوي
حول هذه المواضيع والمستجدات "الوافدة" والتي انتشرت مع الحماية مثل ما
كتبه محمد بن الحسن الحجوي من نصوص حول "الأحكام
الشرعية في الأوراق المالية" و "الضمان التجاري المسمى لاصورانص" أو ما نجده عند محمد العابد بن سودة في "التعاضد والائتلاف بقبول خبر التلغراف"
وأيضا ما كتبه أحمد بن المواز عن الحوالة
"المانضة" وتلقيح الصغار ضد الجدري، وعملية
تشريح الموتى وما ورد لدى أحمد البلغيتي بالشيكات و
"الليطرة"(6).
وعموما فإن الفقيه السلفي
الإصلاحي لهذه الفترة، وإن كان في الغالب يأتي متأخرا بعد أن تكون الظاهرة قد فرضت
نفسها في الواقع، فإنه مع ذلك لا يتوانى عن مناقشتها من منظور الشرع
مدليا بدلوه في الموضوع بمنهج فقهي لأن المجتمع المغربي آنذاك عرف تحولات متسارعة بفعل التحديث الكلونيالي
في الإدارة والتشريع والتعليم والأشغال العامة والصحة والمالية، وأطلق على الأجهزة
المكلفة بهذه المصالح "المصالح الشريفية
الجديدة"، وضمنها تم إنشاء مصلحة التعليم سنة 1912 وأصبحت إدارة بظهير 23
ديسمبر 1915 ثم مديرية للتعليم ما بين سنتي 1920-1921 حيث تم إثرها خلق ثلاثة
أنواع من التعليم: التعليم الأوروبي - التعليم الإسرائيلي - التعليم الإسلامي، وفي
علاقة مع هذه الأنماط الثلاثة من التعليم أحدثت الحماية مدارس متعددة مثل مدارس
الأعيان، مدارس للناطقين بالبربرية، مدارس مهنية، وهذا النظام التعليمي بالأساس
كان يهدف إلى إعادة إنتاج التشكيلة الاجتماعية السائدة والمحافظة عليها وأقصى ما
كان يطمح إليه هذا النظام هو تكوين نخبة مغربية متعلمة تعليما متوسطا، تقوم بدور
الوساطة بين الحماية والأهالي، وستتجه الحماية الفرنسية ضمن سياستها التعليمية
الأهلية هذه إلى تعليم الفتيات تعليما محدودا أوليا مع تهييئهن
للأشغال المنزلية وتكوينهن تكوينا مهنيا. لهذا الغرض أنشئت مدارس للفتيات
المغربيات المسلمات وكانت أول تجربة سنة 1923 بفاس
لكنها لقيت معارضة قوية من طرف المجلس البلدي للمدينة بتأثير من المحافظين
والفقهاء المتشددين وتوقف المشروع بعد أن وصل عدد التلميذات المسجلات إلى نحو
أربعين تلميذة وكما يذكر محمد بن الحسن الوزاني في
مذكراته(7) فإن هذا الرفض جاء بدعاوي منها " أن النساء عسيرات
الانقياد بصفتهن جاهلات. فكيف بهن إذا صرن مثقفات؟ وأن
الساعة لم تحن بعد لتعليم البنات، وأن الرجال قوامون على النساء فلا يجوز عكس
ذلك…الخ مع أن التعليم المراد آنذاك لا يعدو أن يكون تعليما أوليا مع التدبير
الأولي و التربية الصحية (وللمقارنة نجد أن في الفترة ذاتها التي وقع فيها هذا
الحدث، بلغ تعليم الفتيات الإسرائيليات في فاس وحدها
400 تلميذة.
ومع ذلك لم تمنع هذه المعارضة
الفاسية المحافظة من إنجاز المشروع التعليمي للحماية،
إذ في 1929 كان عدد مدارس البنات قد وصل إلى حدود 13 مدرسة، مصنفة إلى ثلاثة
مستويات بحسب نوعية التعليم والانتماء الاجتماعي منها:
- مدارس تستقبل فتيات
الأعيان بفاس ومكناس وآسفي
وسلا ومراكش (مدارس التعليم العام: ويلقن بها الحساب،
القرآن، التدبير المنزلي واللغة).
- مدارس من الدرجة الثانية
وهي مدارس مهنية بالرابط وسلا ومراكش، فتحت في وجه الأغلبية من فتيات الأسر
الفقيرة. وفي الصويرة والجديدة و وجدة وصفرو.
- ومدارس تستقبل الفئتين
معا. وفي الدار البيضاء و في 1934 ارتفع عدد مدارس الفتيات إلى 18 مدرسة. وكانت
الفتيات الفقيرات توجهن نحو صناعة الزرابي (مدارس
التشغيل) مع وجود فقيهة للتعليم الديني. وبدأ الاتجاه في الثلاثينيات نحو تطوير
هذا التعليم وتوسيع تدريس "اللغة الفرنسية" والحساب والتحضير لشهادة
الدروس الابتدائية…
أما على المستوى المهني فقد
بدأ الاتجاه نحو استخدام الآلات الحديثة كآلة الخياطة وكذلك تعلم الضرب على الآلة
الكاتبة. وأعلنت الكثير من الفتيات من خلال بحث قامت به
إدارة التعليم والتكوين، رغبتهن في متابعة دراستهن ليصبحن إما ممرضات أو مولدات أو
معلمات أو أستاذات. أغلب المستجوبات كن من مدارس الدار البيضاء(8).
إن السياسة التعليمية
للحماية إزاء تعليم الفتاة ستطرح إذا مشكلة سماها محمد بن الحسن الوزان في
مذكراته: "مشكلة تعليم البنات في المغرب"(9) فما هي طبيعة
هذه المشكلة؟ وما هي أسباب بروزها؟ وكيف سيتعامل معها الفكر الإصلاحي لهذه الفترة؟
وما هو موقف فقيه و مصلح مثل محمد بن الحسن الحجوي من
المسألة؟ علما بأن الموقف من هذه المشكلة يمكن اعتماده كمعيار لقياس مدى حداثة هذا
المفكر أو ذاك وميله إلى فكرة الديموقراطية والتحديث،
على اعتبار أن الحق في التعليم للجنسين ظل أساسيا في الديموقراطيات
الحديثة. كما يمكن اعتماد هذه المواقف للكشف أيضا عن آليات اشتغال التقليد
والتنوير في الفكر المغربي وصراعهما ومدى سلطة الأول وتعثرات الثاني في مطلع القرن
20م.
أولا - مشكلة تعليم البنات
أو حق المرأة في التعليم بين موقفين:
ستطرح مشكلة تعليم البنات،
بدءا من "المعارضة" الفاسية، مشروع بناء
مدرسة أولية للبنات بفاس سنة 1923. وهذه المعارضة تعني
أن في أوساط النخبة من فقهاء وعلماء القرويين (و من تبعهم من العامة والتجار
والأعيان…الخ)، كان هناك نقاش محتدم حول تعليم "البنات" هل يجوز شرعا؟
هل هو بدعة مخالفة للدين؟ مكروه أم مباح؟ وهل يجوز تعليم البنات في المدارس على
النمط الأوروبي؟ وإذا كان ذلك جائزا شرعا فما هو نوع التعليم والمستوى الذي يسمح
لهن به؟
إن النقاش حول هذا المشكل
ليس جديدا تماما، إذ سبق أن كان مثار خلاف بين فقهاء العصر الوسيط حيث اختلفوا حول
تعليم المرأة وإمامتها وهل تصل إلى درجة الاجتهاد أو الولاية وهل يمكن أن تتولى
القضاء والفتوى إلى آخره. وبالرغم من وجود فقهاء مجتهدين ممن تسامحوا مع المرأة،
لكن الغلبة كانت للاتجاه الفقهي المحافظ الذي يكرس دونية المرأة وعدم أهليتها، فهي
عندهم ناقصة عقل ودين، و "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، ولعن الله
امرأة رفعت صوتها ولو بذكر الله". إلى غيرها من الأقوال والأحكام التي راجت
عند هؤلاء، وكانت تهدف في حقيقتها إلى حرمان المرأة من حقوقها التي أقرتها لها
الشريعة الإسلامية بما فيها حقها في التعليم، وبالتالي حكموا عليها أن تظل سجينة
جدران البيت إلا في النادر. إذا كانت البنت أو الفتاة تنتمي إلى أسرة علمية موسرة،
فيمكنها حينئذ أن تتلقى تعليما دينيا محدودا في منزلها، في الغالب الأعم على يد
والدها، وهذا حال تلك الأقلية من النساء الشهيرات اللواتي تحدثت عنها بعض
التواريخ. وحتى هذا التعليم الديني المحدود، هناك من متشددة الفقهاء من اعتبره
مكروها كما جاء في كتاب الشفاء للقاضي عياض الذي قال
"أن بعض السلف كره تعليم النساء، خاصة سورة يوسف لئلا يقلدن امرأة العزيز من
تعلق بيوسف النبي. ونية لخيانة زوجها العزيز".
وإذا كان هذا التراث المعادي
لحق المرأة في التعليم مرجعا لبعض فقهاء فترة الحماية من المتشددين، فإننا لا نعدم
وجود فقهاء آخرين من المصلحين كان لهم رأي متنور في المسألة، لكن الذي ساهم في
تعقيد المشكلة وترجيح كفة المعادين لحق المرأة في التعليم هو تدخل السياسة
الفرنسية وفرضها لهذا التعليم على الأهالي. وهذا ما تنبه له محمد بن الحسن الوزاني في مذكراته حين قال: "الحقيقة أن تدخل السياسة
الفرنسية أخاف كثيرا من الآباء والأمهات. فكان من أكبر العوامل لعرقلة تعليم
البنات في أول عهده، بحيث لو ترك هذا الأمر للمغاربة وحدهم لنجحوا في هذا
المجال"(10) فعزوف الأهالي ومعارضتهم في البداية لتعليم البنات لم
يكن راجعا فقط إلى هيمنة الخطاب المحافظ والمعادي للمرأة، وإنما أيضا إلى تدخل
الحماية الفرنسية وإشرافها على هذا المشروع التحديثي وفرضها له من أعلى. وهكذا،
اقترن التحديث بالتغريب والحماية، في وعي النخبة المغربية التقليدية، مما كيف ردود
فعلها ومواقفها اتجاه أي مشروع تحديثي بما فيه تعليم البنات وتمدرسهن
على النمط الحديث. ولا يعني هذا التقليل من تأثير الأفكار المحافظة والموروث
الثقافي التي كانت بلا شك من ضمن عوائق التحديث آنذاك، بدليل استمرار رفض تمدرس الفتيات حتى بعد أن تولى المغاربة، إلى جانب الحركة
الوطنية مع ملك البلاد محمد الخامس، تأسيس مدارس للبنات، وتشجيع نهضة نسائية
مغربية في إطار البرنامج الوطني، بداية الأربعينات، وهكذا نجد حتى سنة 1943 ذلك
الموقف المعارض المتحدث عنه يعبر عنه أحد شيوخ القرويين وهو ينتقد الحركة الوطنية
الني قامت بتنسيق مع محمد الخامس بافتتاح ملحقة خاصة بتعليم البنات تابعة
للقرويين، وقال معترضا على هذه المبادرة: "امرأة أفعى وتسقى سما". في
إشارة إلى أن المرأة لا ينبغي أن تتعلم، لأن ذلك سيزيد من خطورتها(11)،
لكن هذه المعارضة ستتلاشى بالتدريج خاصة بعد نجاح تجربة المدارس التي أنشأتها
الحركة الوطنية،واستقطابها لعدد كبير من الفتيات(12)، وسنجد أن فاطمة المرنيسي إحدى رائدات الدفاع عن القضية النسائية، ستكون من
ضمن الأفواج الأولى اللواتي تلقين تعليمهن الأولي في إحدى هذه المدارس الحرة بفاس. وهي مدرسة سيدي الخياط بعد أن كانت تتابع تعليمها في
"دار الفقيهة(13)، فمع تجرية الحركة
الوطنية التعليمية الحرة، سيصبح من حق الفتاة، ليس فقط أن تتعلم تعليما أوليا،
إنما تعليما يتجاوز الابتدائي إلى الثانوي للحصول على شهادة الباكلوريا،
وحصل ذلك في بداية الخمسينات، حيث وصل عدد الحاصلات منهن على الباكلوريا
530 امرأة مغربية. من ضمن الأوائل، نذكر لطيفة بن جلون، فاطمة حصار، فاطمة بن اسليمان(14). وقد تحققت هذه النتيجة الإيجابية إلى
حدود سنة 1954.
لكن قبل أن يحصل هذا كله
وتحقق المرأة المغربية نهضتها بفضل الحركة الوطنية، كانت هناك مرحلة سابقة تمتد ما
بين 1923 و 1925، عرفت مواجهة قوية بين أنصار تحرر المرأة وخصومها ممن يخشون من
هذا التحرر. وكان الفكر الإصلاحي المتنور لهذه الفترة منخرطا في خضم هذه المواجهة
، على أساس أن تحقيق النهضة والإصلاح الشامل لا يمكن أن يتم بمعزل عن إصلاح أوضاع
المرأة وتعليمها. وكما قال علال الفاسي،
الذي عاش هذه المرحلة: "إن تحسين حالة المرأة وإسعادها يجب أن ينال حظا مهما
من تفكيرنا الاجتماعي، لأنه شرط أساسي لإصلاح المجتمع وإعداد المغرب لحياة
أسعد"(15). بيد أن هذا الموقف، الذي يجعل إصلاح المجتمع مشروطا
بتحسين وضعية المرأة، والذي يعتبر متقدما آنذاك، كان قد قام جيل من الإصلاحيين قبل
جيل علال الفاسي بتبنيه، وإن
بشكل متواضع ولكن له قيمته في سياقه وشروطه التاريخية، ومن متنوري هذا الجيل، نقف
عند الفقيه والمصلح السلفي محمد بن الحسن الحجوي
كنموذج. فكيف إذا تعامل هذا الفقيه مع قضية تعليم المرأة؟
ثانيا - محمد بن الحسن الحجوي والتنوير المعاق:
الحجوي (1874-1956) فقيه ومصلح سلفي وموظف مخزني تولى إدارة المعارف (التعليم)
ثم العدلية في عهد الحماية وهو صاحب مشروع إصلاحي عبر عنه في الكثير من مؤلفاته،
من مثل الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، النظام في الإسلام، الرحلة الوجدية، أو انتحار المغرب بيد ثواره، مستقبل تجارة المغرب،
المحاضرة الرباطية في إصلاح تعليم الفتيات بالديار
المغربية. إلى غيرها من المؤلفات والنصوص التي لا زال أغلبها مخطوطا(16).
وقد انطلق الحجوي من السؤال النهضوي
التالي: "لأي شيء تقدموا وتأخرنا"؟ فكان جوابه، أن سبب تقدم الغرب يرجع
إلى العلم والتعليم، وسبب تأخر مجتمعه، بل الأمة العربية الإسلامية هو انتشار
الأمية، ولذا يقترح المبادرة إلى استئصال هذا الداء باعتباره "أول داء علينا
أن نبادر بعلاجه وحسم مادته" ولا سبيل إلى ذلك في نظره إلا بتسهيل القراءة
والكتابة، لتزول غشاوة الأمية عن أبصار الأمة. ولن يتم هذا إلا بنشر التعليم في
جميع أصقاع البلاد وتحصيل العلوم العالية عربية وأوروبية من طب وهندسة وطبيعيات
وحقوق وميكانيكيات. وفي هذا السياق يدعو الحجوي إلى
ضرورة تعليم الفتيات من منطلق الاقتباس من دولة فرنسا "التي تعلم أولادها
ذكرانا وإناثا"(17)، واعتمادا على الأصول، الكتاب والسنة، التي
تؤكد أن النساء شقائق للرجال، وأن المرأة يجوز أن تصل إلى رتبة الاجتهاد في علوم
القرآن،(18) وهكذا يزاوج الفقيه الحجوي بين
مرجعيتين، إحداهما تحيل على الاقتباس من الآخر (فرنسا) والثانية تحيل على الأصول
والسلف. وهذا ما يتضح من محاضرتيه حول تعليم المرأة الأولى، تحت عنوان
"المحاضرة الرباطية في إصلاح تعليم الفتيات
بالديار المغربية". نشرها سنة 1923 بتونس. وأخرى بعنوان "تعليم الفتيات
لا سفور المرأة" سنة 1934. فالحجوي تعامل مع قضية
تعليم الفتيات التي طرحت كمشكلة مع تحديث الدولة الحامية لنظام التعليم وإنشاء
مدارس للبنات بمنهجية تأصيلية، إذ فكر فيها من مرجعيتين
مختلفتين، لكن مع ترجيح المرجعية الأصولية السلفية كما سنرى لاحقا، إلا أن هذا لا
يمنع من القول إن الحجوي أحد قلائل جيله ممن اهتموا
بقضية المرأة وتعليمها. وكان له في هذه القضية اجتهاد تجديدي متنور. وهذا ما جعل
مجلة المغرب التي كانت تصدر آنذاك، تصف الحجوي
بكونه مناصر تحرير المرأة. حيث كتبت في عددها الصادر في غشت 1935: "إن
للأستاذ الحجوي أعمالا جلى
في ميدان الإصلاح… وهو في مقدمة المفكرين الذين دعوا منذ نشر الحماية بتعليم
النساء وتحريرهن من بعض العوائد الضارة بهن وبالمجتمع،
وقد سعى في ذلك سعيا محمودا فألقى المحاضرات وكتب المقالات، وانتهز كل فرصة سانحة
لبث أفكاره. ولم يثبط عزمه في ذلك ما لاقى أحيانا من معارضة ونقد"(19).
وفعلا فإنه لاقى من المعارضة والنقد ما لا يقل عما لاقاه قاسم أمين في مصر. وينقل
لنا عبد الله الجراري نموذجا من معاناة الحجوي مع خصومه ممن لا يتفقون مع رأيه. ففي سنة 1923 حيث
أقيمت دورة ثانية للمحاضرات والمسامرات التي كانت تقيمها حكومة الحماية بالمعهد
العلمي بالرباط، وكان ممن شارك فبها عدد من علماء
المغرب آنذاك، كالشيخ أبي شعيب الدكالي ومحمد الحجوي و محمد عبد الحي الكتاني ومحمد السائح، تحت رئاسة
الوزير الأول المقري. وكان موضوع محاضرة الحجوي في هذه
الدورة حول "تعليم الفتاة ومشاركتها في الحياة". بيد أن المقري أوقف
المحاضر الحجوي قائلا له: "إن الدين الإسلامي لا
يساعد على تعليم البنت تعليما يجعلها تشارك الرجل و تزاحمه في الحياة، وملقيا في
نفس الوقت سؤالا على الشيخ أبي شعيب الدكالي: فما قولك
أيها الأستاذ في الموضوع؟ أيجوز هذا أم لا يجوز؟ فأجابه الشيخ بالمنع، وأن تعليم
الفتاة يبلغ بها هذا الحد، لا تقره مبادئ
الإسلام". وللحين سقط في يد المحاضر الحجوي، فجلس
دون أن يتم المحاضرة"(20). ويعلق الجراري
على الحدث بقوله: نعم كان الفكر المغربي وقتئذ ضد الفكرة. فرأي الوزير المقري لم
يكن شيئا استقل به، بل كان رأي المجموع المغربي… إنما
الأستاذ الحجوي عاجل الفكرة…فصدع بها
دون مبالاة بالوسط المغربي الذي كان ضدها على طول(21). "فالحجوي إذن بحسب رواية الجراري
كانت له الجرأة على اقتحام موضوع كان يعد من ضمن الممنوعات المحاطة بسياج الدغماتية والموروث الثقافي المنحدر من عصور الجمود
والانحطاط، ويحق لنا دون أن نجانب الصواب أن نقول بأن الحجوي
بامتلاكه لهذه الجرأة يمكن اعتباره من رواد إعطاء المرأة حقها في التعليم بالمغرب
الحديث وليس صدفة أن يواجه بالرفض والمعارضة شأنه في ذلك شأن كل الرواد الذين
يضعون اللبنات الأولى. لكن هل كان رأي المحاضر الحجوي
من الخطورة، بحيث تطلب إيقافه ومنعه من إتمام محاضرته. وهل فعلا يتعارض ما قاله مع
الإسلام كما ادعى ذلك أبو شعيب الدكالي؟ إن كل ما قاله الحجوي موجها نداءه للمغاربة "أن يعتنوا بتربية بناتهم
ليظفروا بلبانتهم و يهيئوا بنات ذوات تربية عائلية، ليتزوجن ممن تعلم من الأبناء.
لأن الإبن المتعلم لا يستقيم له عيش إلا مع زوجة
متخرجة…"(22) وكجواب عما يمكن أن تتعلمه البنات يقول
"الموافق لديننا و عوائدنا، أن نربي البنات على تعلم العقائد الدينية والفقه
الضروري وآداب الدين وما تيسر من القرآن العظيم، وهذا لا يخالف فيه مسلم. لأن
النساء كلهن شقائق الرجال في الأحكام. فتعليمهن ما ذكر، مع وسائله التي توصل إليه
واجب بلا شك. ومما يتأكد في حقهن تعليمهن إدارة شؤون البيت وتدبيره وتربية الأولاد
والاقتصاد والحساب وقواعد الصحة، كالنظافة و شيء من الصنائع اليدوية وشيء من
الأدبيات العربية والأخلاق. بقدر ما تكون به البنت
مهذبة قادرة على بث روح الأدب واللطف في منزلها، لأنها هي المدرسة الأولى ولا نربي
البنت تربية أوروبية"(23). ويعتمد في تأسيس هذا القول على مرجعية
دينية إسلامية، فيقول بلغة الفقيه الأصولي": "غير خفي أنه لم يرد في
نصوص الشرع القرآنية ولا الحديثية
الصالحة للحجية منع النساء من العلم ولا من تعلم القراءة والكتابة أو أي علم هو
مباح للنساء. وهذا تمسك بالبراءة الأصلية(24)، وهي حجة عند الأصوليين،
ومن ادعى وجود دليل فعليه البيان"(25) فالفقيه الحجوي يرد هنا على معارضيه، مستحضرا التراث الفقهي وتقليد
المناظرات التي كانت تتم بين المختلفين في المذاهب الفقهية، بالرغم من أن القضية
التي يخوض فيها تندرج ضمن قضايا التحديث بما هي نقاش حول حق المرأة في التعليم.
ولهذا فإن دفاعه يجد جذوره في اجتهادات الأصوليين ممن صرحوا بأن تعليم المرأة مباح
ويجوز لها أن تصل إلى رتبة الاجتهاد في علوم القرآن. فالحجوي
هنا يمارس الاجتهاد على الطريقة الفقهية المالكية بتوسيع القياس على الفروع، وذلك
بالقياس على القياس.
لكن الحجوي،
بعد إحدى عشر سنة، سيلقي محاضرة أخرى بعنوان "تعليم الفتيات لا سفور
المرأة". واختياره لهذا العنوان ينم عن نزعة محافظة بدأت تظهر بوادرها عنده.
فهل نقول إن الحجوي المحافظ تغلب على الحجوي الليبرالي المتنور في هذه المرحلة، وبالتالي هل تشكل
هذه المحاضرة انكفاء نحو التقليد لديه؟ فعلا إن القارئ لهذا النص سيجد لدى الحجوي موقفا معاكسا لتطور المجتمع المغربي لأن فترة
الثلاثينيات عرفت تقدما ملموسا على مستوى ارتفاع عدد الفتيات المتمدرسات،
وتزايد إقبالهن على إكمال تعليمهن حتى الشهادة الابتدائية وما بعدها. وإذا كان
منتظرا من رجل مثل الحجوي الذي عرف عنه جرأته وموقفه
الداعي إلى تعليم المرأة أن يستمر في دعوته في مسار تقدمي مواكب لتحولات المجتمع،
فإننا على العكس نجده أميل إلى الحذر والتريث، فهو لم يعد ذلك الإصلاحي الجريء
الذي ينادي بحرية المرأة، بل أصبح ميالا إلى سد اعتماد المبدإ
الفقهي القائل بسد الذريعة ودرء المفسدة. ولهذا فهو ينادي بوضع حدود لتعليم
البنات، لأن تعليمهن قد يرتبط بمسألة سفور المرأة. فالحجوي
لا زال حريصا على تعليم المرأة لكن دون سفورها. كما أن هذا التعليم ينبغي أن يتوقف
عند حد معين، وأن يكون تعليما إسلاميا على نمط تعليم السلف الصالح لنسائهم من غير
أن يؤدي ذلك إلى رفع الحجاب الذي يأباه القرآن ومكارم الأخلاق. فالسفور عنه مروق
من حظيرة الدين، ويعطي مثلا بما" وقعفي الأمم
السافرة من سفالة الأخلاق وفداحة التهتك"(26)(27). وهو بهذا
الموقف يرد صراحة على دعاة التحرير أمثال الطاهر حداد وقاسم أمين، هذا الأخير الذي
سينتقده الحجوي على كونه "هتك الحجاب وأزال هيبة
الشريعة" ويضيف "اللهم احفظ بلادنا من داهية
السفور"(28).
فهل هذا الانكفاء لدى الحجوي راجع إلى المعارضة التي لقيها
وردود الفعل اتجاه موقفه الأول؟ أم أنه لا يعدو أن يكون تجسيدا لتجربة الوعي
السلفي بالمغرب في خصوصيتها وفي تعاملها الحذر والمزدوج مع الحداثة والتحديث؟
الحقيقة أن الحجوي لم يكن إلا معبرا عن وعي جيل من
النخبة المغربية التقليدية التي كانت تحمل رؤيا مزدوجة اتجاه المدنية الأوروبية
ونمطها التحديثي، حيث أن صدمة التحديث والحداثة التي غزت المجتمع المغربي إبان
الحماية" أحدثت في وعي هذا الجيل ثنائية حادة وزعت فكرهم بين استلهام
الماضي ودعم الهوية من جهة، واحتذاء النموذج الغربي من جهة ثانية. وكلما تزايدت
مظاهر التحديث، كلما ازدادت هذه الثنائية حدة، لصالح التقليد. وهكذا يصطدم التحديث
الوافد في وعي هذا الجيل بمقاومة وعوائق التقليد، كلما تعلق الأمر بالقيم والأفكار
والعادات، بينما يقابل بتسامح وأحيانا بإعجاب، والدعوة إلى الاقتباس عندما يتعلق
الأمر بالمنافع المادية والنجاعة التقنية"(29).
إن المرجعية الفقهية والعودة
إلى الأصول لدى هذه النخبة التقليدية ظلت حاضرة كسلطة وكإطار مرجعي وهي تفكر في قضايا
التحديث بما فيها حق المرأة في التعليم و تحريرها. لأنهم يؤسسون طريقتهم في
التفكير من داخل "النظام المعرفي البياني" كما حدده د. محمد عابد
الجابري أي كعقل له آلياته وأسسه ومفاهيمه ولا يستطيع ممارسة نشاطه إلا انطلاقا من
أصل، أو مستفاد من أصل معطى ثبت إما بالإجماع أو بالقياس. "فسلطة الأصل على
العقل البياني لا تقتصر على المنطلق…بل إنها تؤسس عملية إنتاج المعرفة ذاتها
باعتبار أن التفكير البياني يقوم أساسا على قياس فرع على أصل"(30).
فضمن هذا النظام المعرفي فكر الحجوي في موضوع المرأة
وحقها في التعليم، بل وفي جميع القضايا المستحدثة التي كان يبحث لها دائما عن
مسوغات وأصول شرعية دينية سواء تعلق الأمر بمسألة النظام وعقلنة
الإدارة، حيث ألف كتابه النظام في الإسلام، أو تعلق الأمر بمستجدات تقنية كاستعمال
التلغراف في إثبات الهلال أو المذياع و الفنوغراف في
تلاوة القرآن، حيث كانت له فيها فتاوي تبيح استعمال هذه
التقنيات مثل فتواه:" إرشاد الخلق إلى الاعتماد في ثبوت الهلال على خبر
البرق". أما في المجالي والتجاري والمعاملات
البنكية فقد سار في نفس الاتجاه في نفس الاتجاه وأفتى بجواز اعتماد الأساليب
الحديثة كالتأمين والتعامل بالشيك…الخ.
فهذه المنهجية التأصيلية الانتقائية لمعطيات التحديث والحداثة، سيتم تطويرها
لاحقا مع التيار السلفي بالمغرب في اتجاه عدم تعارض التحديث مع الشريعة الإسلامية.
خاتـمـة:
إن خطاب الحجوي
حول قضية المرأة وتعليمها بما عرفه من تقدم أو انكفاء كان محكوما في حدوده وفي
آفاقه بشروط عصره وبالمنظومة المعرفية الفقهية والتقليدية التي كان يفكر من
داخلها. وبالرغم مما يمكن أن يسجل على هذا الخطاب من انتقادات وقصور في عدم
مسايرته لحركية المجتمع المغربي وتحولاته التحديثية التي منحت للمرأة مجموعة من
الحقوق (التعليم، المشاركة السياسية والاجتماعية) فإننا لا ينبغي أن ننكر أن دعوته
لتعليم الفتيات شكل إرهاصات تنويرية، وإن عرفت تعثرا فإنها كانت مقدمة ضرورية
للفكر التنويري الذي جاء بعده، وما كان له أن يذهب بعيدا في تناوله لقضية المرأة
بدونها. خاصة مع الحركة الوطنية التحديثية التي طالبت للمرأة المغربية بالتعليم
الثانوي والمشاركة السياسية، سواء من خلال برنامجها التعليمي وتأسيسها للمدارس
الحرة أو بمبادرتها الرمزية بإشراك السيدة مليكة الفاسي في توقيع وثيقة الاستقلال في 11 يناير 1944. وبعدها
بثلاث سنوات ستأتي مبادرة لها رمزيتها، من طرف ملك البلاد محمد الخامس حين سمح
لابنته الأميرة للاعائشة بإلقاء خطاب سياسي سنة 1947
بمدينة طنجة… ويمكن اعتبار هذه الخطبة حدثا فاصلا بين
مغربين على حد قول فاطمة المرنيسي. ففي تلك اللحظة التي
ألقت فيها الأميرة الشابة خطابها أمام الشعب، "شيء ما كان محتجبا، ظهر على
المسرح السياسي: إنها المرأة، رمز الإقصاء والخضوع والتبعية، رمز الصمت. فالمرأة
الشابة التي أخذت الكلمة…، لم تقل كلاما عاديا، بل ألقت خطابا سياسيا. بعد ذلك
الحدث لن يعود المغرب كما كان في الماضي. لأن ذلك الصوت الهادئ الذي ارتفع تحت
سماء طنجة الأربعينات الصافية، وضع نهاية لمغرب الأجداد
ذوي الأنساب الذكورية المحضة…"(31)
وهذه الخطوات التي لها أهميتها في مسار تحرير المرأة المغربية وإشراكها اجتماعيا
وسياسيا لم تأت صدفة، بل كانت ثمرة العمل الوطني التنسيقي
والتوافقي بين الحركة الوطنية وملك البلاد، من أجل استقلال المغرب والنهوض به و تحديثه.
الهوامــش
1 - محمد عابد الجابري،" تطور الأنتلجانسيا
المغربية"، ضمن الأنتلجانسيا في المغرب العربي،
مجموعة بإشراف د.عبد القادر جغلول، دار الحداثة بيروت،
1984، ص 17. والفجر الأول عنده جاء بعد هزيمة إسلي
1844. وتجسدت هذه النهضة في عدة مبادرات إصلاحية سواء من طرف النخب أو المخزن منذ
عهد السلطان محمد بن عبد الرحمان 1859-1873، هذا الأخير أدخل بعض المظاهر الحديثة
على الجيش وجهاز المخزن وأرسل البعثات إلى أوروبا.
2 - نفس المرجع، ص17.
3 - ظهرت هذه المبادرات التنويرية في عهد السلطانيين عبد
العزيز وأخيه عبد الحفيظ، وتكونت جماعة من المثقفين التنويريين عرفت بجماعة
"لسان المغرب". وكان لها علاقة بلجنة أخرى سمت نفسها "لجنة الوحدة
والتقدم". للمزيد من الإطلاع أنظر" مظاهر يقظة المغرب الحديث" للمنوني، ج2 وكتاب الجابري السابق ذكره، صفحات 18-19-21.
4 -محمد عابد الجابري، مرجع سبق ذكره، ص 17
5 - لإلقاء المزيد من الضوء على طبيعة هذه الإشكالية وكيف
تحكمت في الفكر المغربي لفترة الحماية يمكن الرجوع إلى النصوص التي أوردها سعيد بن
سعيد العلوي وإلى ما كتبه في الاجتهاد والتحديث دراسة في أصول الفكر السلفي في
المغرب، حيث قدم نماذج من هذه النخبة أمثال الحجوي، ابن
المواز وغيرهم…
6 - للمزيد من الاطلاع أنظر محمد المنوني،
المصادر العربية لتاريخ المغرب، ج2، منشورات كلية الآداب، مطبعة فضالة المحمدية،
المغرب، صفحات 261-268-269.
7 - محمد بن الحسن الوزاني، حياة
وجهاد، ج1، ص280.
8 - الرجوع لكتاب:
Lucien Paye, Introduction de L'enseignement moderne au Maroc des Origines jusqu’à 1956 f.
9 - محمد بن الحسن الوزاني، مرجع
سبق ذكره.
10 - نفس المرجع، ص 291.
11 - فاطمة المرنيسي، Chahrazade n'est pas marocaine، ص58.
12 - أنشأت الحركة الوطنية لهذا الغرض لجنة للتعليم مكونة من
السادة علال الفاسي، المهدي
بن بركة، أحمد بلافريج (مؤسس أول مدرسة مختلطة، وهي
مدرسة جسوس بالرباط سنة 1944)، محمد الزغاري، أبو بكر القادري وآخرين،
13 - فاطمة المرنيسي، شهرزاد… مرجع
سبق ذكره.
14 -Zakia Daoud, Feminisme et politique au maghreb,
Ed. Eddif, Casablanca, 1993, p246.
15 - علال الفاسي،
النقد الذاتي، مطبعة الدار البيضاء، بدون تاريخ.
16 - للاطلاع على عناوين هذه النصوص والمؤلفات ينبغي الرجوع
إلى كتابه "مختصر العروة الوثقى"، مخطوط بالخزانة العامة.
17 - محمد بن الحسن الحجوي، تعليم
الفتاة لا سفور المرأة، مخطوط…
18 - مجلة المغرب، السنة الرابعة، غشت-شتنبر
1935، عدد خاص بتعليم المرأة.
19 - لم يكتف الحجوي بالدعوة إلى
تعليم المرأة وتحريرها على مستوى الخطاب بل بادر إلى إدخال إحدى بناته إلى الدراسة
بإحدى المؤسسات بالرباط Les jeunes filles
20 - عبد الله الجراري، من أعالم
الفكر المعاصر بالعدوتين، ج1، الرباط، مطبعة الأمنية
1971، ص68.
21 - نفس المرجع، ص 68-69.
22 - الحجوي، المحاضرة الرباطية في إصلاح تعليم الفتيات بالديار المغربية، مطبعة
النهضة، تونس بدون تاريخ، ص 2-3.
23 - نفس المرجع، نفس الصفحة.
24 - البراءة الأصلية تعني عند الأصوليين أن الأصل هو الإباحة
ما لم يرد فيه نص بالمنع.
25 - المرجع أعلاه، ص 4.
26 - الحجوي، تعليم الفتيات لا
سفور المرأة، مخطوط.
27 - هذا الموقف يخالف موقف السلفي الطاهر حداد مثلا في كتابه
امرأتنا في الشريعة والمجتمع بتونس، حين قال: "ما اشبه
ما تضع المرأة من النقاب على وجهها منعا للفجور، بما يوضع من الكمامة على فم
الكلاب كيلا تعض…" بينما الحجوي
يعتبر أن الحجاب" دين وشريعة يجب خفظها"
الرجوع إلى محاضرته تعليم الفتيات لا سفور المرأة"
28 - الحجوي، تعليم الفتيات لا
سفور المرأة…
29 - إبراهيم أعراب، الفكر السلفي بالمغرب وإشكالية التحديث،
بصمات، العدد الخامس، منشورات كلية الآداب ابن امسيك،
الدار البيضاء، 1990، ص82.
30 - محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي، المركز الثقافي
العربي، الدار البيضاء، ط.1، 1986، صفحات 110-112.
31 - المرنيسي، Chahrazad n'est pas marocaine، ص57.